الطريقة نفسها التي تعتمدها الفضائيات بهدف الإثارة والبروز والتميز بغية كسب الإعلانات صار البعض يطبقها في «تويتر»، حيث يضع كلمة «عاجل» في بداية تغريدة تحوي خبراً يقدر أنه مهم ويستدعي أن يعلم به الجميع في التو والحال، وإذا كانت بعض التغريدات التي تبدأ بكلمة عاجل مهمة بالفعل وتستحق أن تأخذ صفة الاستعجال فإن تغريدات أخرى تنشر تحت العنوان نفسه ليست مهمة إلا لصاحبها، وقد لا يكون لها قيمة أو قيمة كبرى لدى الآخرين، وبالتالي لا تستحق هذه الصفة.أن تدهس سيارة متظاهراً اختطف شارعاً أو احترق بالنار التي أشعلها خبر مهم، ونشره تحت عنوان عاجل أمر في محله، وكذا الحال بالنسبة لأخبار مثل وفاة شخص معروف أو صدور قرار مهم يمكن أن يغير من الأحوال أو يعطي أملاً في الخروج من هذا المأزق الذي تسبب فيه ذلك البعض الذي لا يدرك «تلايا أفعاله»، لكن أن يتسلم شخص ما إحضارية لمراجعة مركز الشرطة لا يمكن أن يكون خبراً يستحق صفة عاجل، فالإحضارية مجرد مذكرة تطلب فيها الداخلية مراجعة مركز شرطة يتم تحديده فيه السبب قد يكون بسيطاً كالاستفسار عن أمر ما، وهو أمر مختلف عن الحجز أو الاعتقال أو صدور حكم بالسجن أو النفي أو غير ذلك من أمور ترقى إلى مرتبة الخبر، وقد تستحق صفة عاجل، إن كان المحكوم عليه شخصية معروفة أو «رمزاً». على سبيل المثال لا الحصر؛ امتلأت مساء الإثنين الماضي مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها بتغريدات بدأت بعنوان «عاجل» عن تسلم أمين عام جمعية التجمع الوحدوي فاضل عباس إحضارية لمراجعة مركز شرطة مدينة حمد، وتم نشر صورة الإحضارية، وتكرار نشر الخبر بنفس الصفة قبل أن تبدأ التغريدات لتحليل «الخبر العاجل» وإبداء وجهات النظر في توقعات خلفية الإحضارية وأسبابها المحتملة، ولتتسلم بعد ذلك بعض المواقع الإلكترونية «الخبر العاجل» وتطبل عليه تطبيلاً. وهكذا أقيمت الدنيا ولم تقعد لمجرد تسلم إحضارية.مع كل الاحترام لأمين عام التجمع الوحدوي؛ أتساءل عن أهمية مثل هذا الخبر؟ وهل من الأساس يرقى ليكون خبراً؟ وهل هو خبر يستحق بالفعل تصنيفه بالعاجل؟ ترى كيف سيكون الحال لو أنه تم احتجازه وتحويله للنيابة ومحاكمته؟ القصة ليست حصراً على هذا أو ذاك، حيث الكل صار يعتبر نفسه -أو ذاك القريب من نفسه أو الذي ينتمي إلى جمعيته- مهماً إلى الحد الذي إن تسلم فيه إحضارية عادية اعتبره خبراً غير عادي وخبراً عاجلاً يفترض أن يعلم به الجميع و»يولول».اعتبار أمر كهذا خبراً، واعتباره خبراً عاجلاً ربما كان الهدف من ورائه التحشيد وتوصيل رسالة مفادها أن من تلقى الإحضارية شخص غير عادي، وأنه إن كانت الداخلية تخطط لتحويله إلى النيابة فعليها ألا تظن أن الأمر سهل يسير!ليس الحديث هنا عن أمين عام الوحدوي وحده، لكنه عن كثيرين من المحسوبين على «المعارضة» الذين يعتقدون أنهم من الأهمية بمكان أن «الجماهير العريضة» تنتظر أي خبر عنهم ليهبوا مدافعين عنهم بعدما ينشغلون بما حدث لهم أو جرى عليهم.خبر تسلم أمين عام الوحدوي إحضارية لا يرقى إلى تصنيفه بالخبر العاجل، وهو في كل الأحوال خبر عادي، وتداوله بالطريقة التي تم تداولها به يكشف عن خلل تعاني منه «المعارضة» التي من الواضح أنها تعودت أن «تعمل من الحبة قبة».نشر البعض عن نفسه مثل هذه الأخبار أو دفع بعض التابعين له أو المحسوبين عليه لنشرها على شكل تغريدات يمكن أن تفسر على أنها رغبة جامحة في البروز والشهرة والتميز و»الشو»، وقد تفسر على أن صاحبها مريض نفسياً.. وهذا لا يصب في صالح «المعارضة»!