حتى أغبى أغبياء العالم، بات يدرك جيداً ماهية الصراع في الشرق الأوسط، وأن الكثير مما يحدث في أوطاننا العربية تحديداً، هو نوع من تقاسم النفوذ الأجنبي في المنطقة عبر حزمة من المشاريع السياسية والدولية والاقليمية، بإدارة مباشرة من الدول الكبرى والدول الإقليمية القوية.كذلك من المؤكد أن طبيعة هذا الصراع حول تقاسم مناطق النفوذ في العالم العربي، يخضع للمصالح البينية بين فرقاء الصراع السياسي الدولي، ومستوى تقاسم الكعكة فيما بينهم، كما حدث في عهد أجدادنا عند التوقيع المخزي على بنود سايكس - بيكو.هنالك مشاريع مشروعة للتغيير السياسي عندنا في الشرق الأوسط، فيما يسمى بالربيع العربي، ولربما تظل رغبة وإرادة الشعوب في استمرار الإصلاحات السياسية أو في كل عملية للتغيير في أوطانها حاجة ملحة للغاية، ومن المؤكد أيضاً أن هنالك أنظمة غير صالحة للبقاء، بسبب الانتهاكات الجسيمة التي تقوم بها تجاه شعوبها، لكن تظل الرغبة الواضحة الجامحة لما تمر به المنطقة هو نقل معارك الكبار عندنا.ذكرنا قبل قليل أن هنالك صراعاً سياسياً دولياً وإقليمياً غير معلن، ولكي تتجنب الكثير من هذه القوى السياسية الكبرى تدمير أوطانها عبر حروب كونية شرسة تقوم بنقل معاركها على أراضٍ بعيدة عنها، حتى تكون الدولة والجغرافيا هما من يدفعان فاتورة تلك الصراعات عبر الأرض المحروقة التي يملكها العرب.الدول الكبرى ولتجنيب مناطقها وأراضيها من أي أضرار مؤكدة، نقلت لنا كل ما هو ضار وفتاك، حيث نقلت لنا مصانعها الجبارة التي تنفث تلوثاً قاتلاً بالمجان، كما جاءت بنفاياتها النووية التي تدفن ليلاً في أراضٍ عربية وإفريقية فقيرة، وأخيراً؛ ها هي تنقل لنا صراعاتها السياسية والعسكرية لنكمل دفع فاتورتي الدم والموت!التنمية والديمقراطية والعدالة والمساواة والاستثمار في الإنسان وغيرها من المفاهيم التي ترعى في الغرب وفي دول ربما تبعد عنا مئات الأميال فقط، ما هي إلا شعارات جوفاء تصدرها هذه الدول الغازية والطامعة إلينا عبر خطابات «منمقة» يرسلها لنا عبر الأثير الرئيس الأمريكي من داخل البيت الأبيض وهو يضع رجلاً على رجل.إن غالبية الدول التي تشهد صراعات سياسية عبر الربيع العربي اليوم، هي دول تعيش هذه الحالة التي وصفناها، وفي كونها دولاً أعدت أراضيها من أجل أن تكون ساحة مفتوحة لمعارك الكبار، أو لكل طرفين أو أكثر، لديهم تصفية حسابات وثارات سياسية قديمة وربما حاضرة، أما تصدير الديمقراطية للعرب فهي خرافة استعمارية وقحة، كخرافة هيكل سليمان، وخرافة محرقة اليهود، والخرافة العظمى بتجدد وعد الرب لشعب الله المختار باسترجاعهم أرض الميعاد، ومع كل خرافة نكتشف أن للصهيوينة العالمية يد طُولى في هذا النزاع الفارغ على أراضينا العربية مع كل الأسف، ونكتشف في المقابل مدى عجزنا عن فهم ما يجري حولنا «والحسابة تحسب».
Opinion
خرافة اسمها «تصدير الديمقراطية»
12 أكتوبر 2013