لم نسمع قط لا في تاريخ عربي ولا إغريقي ولا حجري ولا في عهد من عهود الزمان، ولا حتى في كان يا ما كان، أن تصالحت دولة مع قطاع طرق، وإن حصل ذلك فقط في لبنان، عندما تعاقدت الدولة اللبنانية مع حزب الشيطان الذي صنعت منه الدولة اللبنانية دولة أقوى منها، تحكمها وتملكها من قدمها حتى رأسها، وجيشها ومدنها وقراها، إنه مصير أي دولة تتعاهد وتصالح مع المافيا الصفوية وقطاع الطرق، الذين أعلن أمس كبيرهم أنه يريد أن يتقاسم الثروة مع حكام البلاد، وهو من تم تجنيسه بالأمس، فكيف إذا تمكن وتصالحت الدولة معه وأصبح هذا صلحاً في العهود والمواثيق عقد بين قطاع طرق شاذين عن الجنس البشري يقتاتون على الدماء ويتنفسون على حرق العباد.طبعاً ستكون كارثة ليس على البحرين إنما على دول الخليج العربية والأمة الإسلامية، وأن دعوات التصالح التي يطلقها بعض من هذه الفئة وبعض من المحسوبين على الفاتح ما هي إلا دعوات تريد أن يتحقق منها ما لم يتحقق بالمؤامرة الانقلابية، فبغيتهم اختراق الجيش واختراق عمق المؤسسة الأمنية، وها هي وزارة الخارجية الأمريكية هي الأخرى تصرح بعد فشل تمرد الخونة وتدعو إلى تعزيز مناخ الحوار والمصالحة، كما ذكرت أيضاً «لقد اطلعنا على عدد من التقارير الصحافية بشأن الدعوة إلى الاحتجاجات، إلا أنه لا يمكن التكهن فيما قد يحدث»، أي أنهم الآن سيدفعون للمصالحة، والتي في ظنهم أن الدولة ستطير فرحاً بالتنازل عن بعض مطالبهم، مقابل تنفيذ بعضها، والسياسة الأمريكية الإيرانية متفقة عاجلاً أو آجلاً على الإطاحة بالبحرين، وهذا ما أكدته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا قبيل تكليفها في 2005، حين مثلت أمام لجنة الاستماع في الكونجرس الأمريكي، الذي سألها عما ستفعله إذا استلمت حقيبة الخارجية، فقالت: «لدينا قائمة من الحلفاء في الشرق الأوسط انتهت صلاحيتهم واستهلكوا تماماً، ويجب التخلص منهم واستبدالهم بحلفاء جدد للولايات المتحدة».لذلك لم تكن هذه الصعاليك تجرؤ على مواجهة الدولة والتحدي العلني، وقول خادم إيران علي سلمان بأنه سيكون على رأس السلطة في المنظور القريب، ولا مطالبة قاسم بتقاسم الثروات لولا هذا الدعم الأمريكي، إذاً فإن المصالحة هي جزء من المخطط الانقلابي القادم للاستيلاء على السلطة، وإن استدعى تحقيقها تنازلهم والمشاركة في العملية السياسية والدخول في المجلس النيابي المقبل، فلا تفرح الدولة فهو جزء من الخطة الأمريكية الإيرانية لإنجاح الانقلاب القادم، حيث استطاعت أمريكا اختراق الفاتح بشراء بعض النفوس الضعيفة التي تجلس اليوم مع الخونة، ويقول بعض منهم إننا تعاطفنا مع مطالب 14 فبراير في البداية، حيث إن خلخلة صفوف أهل الفاتح هي جزء من المخطط المقبل، وما زيارة علي سلمان المجالس الرمضانية إلا تفعيل لهذه الخلخلة، أي أن المصالحة والخلخلة هما المرحلة التي سوف يؤسس عليها الانقلاب القادم.إن الشرفاء من أهل البحرين تقشعر أبدانهم وتفور الدماء في عروقهم عندما يسمعون كلمة مصالحة لأنالمقصود بها المصالحة مع الإرهاب، وكل من يقول هذه الكلمة يفقد شعبيته في شارع الفاتح، الذي عقد العزم على المواجهة مع الصفويين إن تطلب الأمر فحياة العزة لا يمكن مساومتها مع الخضوع والذل وأن يحقق لهم ما يشاؤون، وأن يترك الشرفاء تحرق أكبادهم، فهذه المعادلة غير صحيحة ولا سليمة وستؤدي إلى سقم لا تشفى منه الدولة ولو استحضرت طب العالم، فعندما يشعر الشريف بالقهر فهذا أمر صعب التكهن ما ستكون ردة الفعل بعده، وعلى الجميع أن يحسب حساب ما يسمى بلعبة المصالحة التي لن تجر منها إلا البلاء، فهؤلاء قطاع طرق ويجب أن يعرفوا حيزهم ومكانهم في البحرين، فإن قبلوا العيش في ظل دولة آل خليفة بأدب وسنع، وإلا فالمركب الذي جاؤوا على ظهره ينتظرهم على السواحل ليستقبلهم خامنئي، وإن كانوا تواقين للسلطة فلينشدوها مع خامنئي وليتقاسموا معه ثرواته، وليشاركوه في حكم البلاد إن كانوا يجرؤون، ولن يجرؤوا لأنهم يعرفون أن مصيرهم السلخ في مقاصب السجون تحت الأرض.وإن دفعت أمريكا الدولة للمصالحة مع الخونة فلتعلم الدولة أنه لن يكون مصيرها إلا مصير لبنان والعراق، وإن جيوش أمريكا لن تكون في صفها بعد المصالحة بل ستدخل البحرين جيوش محتلة لا في قواعد محصورة ومعدودة، فجيش يقتل المسلمين في العراق واليمن وأفغانستان وفلسطين لن ينصر أهل البحرين. إذاً المصالحة المقصودة هي مخاطرة وإن أقدمت عليها الدولة فلن يكون هناك إلا سلم محدود ومعدود حسبته أمريكا وإيران، وهذا شيء لا يحتاج إلى توكيد ولا تأكيد، وإنما هو علم مقروء ومكتوب ومسموع على لسان الخونة العملاء الذين لولا دعم أمريكا لهم لما استطاع واحد منهم أن يطل رأسه من نافذة بيته.كما إننا نسأل بالله عليكم انظروا في وجوههم؛ هل هذه وجوه يمكن أن تؤمنوا مكرها؟ هل يمكن أن تسمعوا لها أو أن تجلسوا معها، وجوه سودتها الخيانة، ونفوس خرج مكرها على لسانها. فمن يظن أنه يمكن أن يصاحب الحية ويتقي سمها فقد ألقى نفسه في الهلاك.إن شعب البحرين لن يقبل التصالح مع خونة خانوا الأمة ووقفوا مع سفاحيها وقفوا مع خامنئي وبشار وحزب الشيطان، فهل يمكن للدولة أن تأمن الصلح معهم، فإن آمنت والله لن تكون البحرين إلا بعد سوريا.
Opinion
المصالحة والخلخلة والمخاطرة.. وسم الحية
20 أغسطس 2013