هذا ما صار يشعر به أهل البحرين بعد انتشار أنباء في الأيام الأخيرة عن خطوات متوقعة للتهدئة، وأخرى عن لقاءات غير معلنة بين ممثلين لكل الأطراف ذوي العلاقة بالمشكلة البحرينية، رأى البعض أنها ستسفر عن أمور إيجابية تزامناً مع احتفالات البلاد بالعيد الوطني في السادس عشر من ديسمبر المقبل.هذه الأنباء أنعشت مساحة التفاؤل التي افتقدها الناس هنا طويلاً بسبب تتابع الأحداث وتطورها ذي الإيقاع السريع، وهي تؤكد أن شعب البحرين بكل أطيافه صار يرغب وبقوة في الخروج من هذا المأزق الذي تورط فيه على مدى السنوات الثلاث الأخيرة، واعترف فيه الجميع أنهم تعبوا من كل ذلك الغريب والطارئ على هذا الوطن وهذا الشعب الأصيل المعروف بهدوئه وبتسامحه. الجميع يشعر بأن ما يدور من حديث في هذا الخصوص لا يدخل في باب الإشاعة، وأن ما تسرب من معلومات حتى الآن فيه كثير من الصحة، يشعرون بهذا رغم استمرار البعض في ممارساته السالبة وغير اللائقة بمنتمين إلى هذا الوطن الجميل كالعمليات التي تم تنفيذها في اليومين الماضيين في العديد من الشوارع والمناطق وتسببت في تعطيل حياة الناس، وكادت تنسف كل الأخبار اللطيفة التي تسربت وتشكك في صدقها. ما أنعش الآمال أيضاً هو اقتناع الجميع بأن الحلول الدبلوماسية يمكن أن تفضي إلى اتفاقات مهمة تجنب الوطن الكثير من الآلام. فالاتفاق المبدئي بين إيران والغرب أتاح لمثل هذا الاعتقاد أن يسيطر، فإذا كان الملف النووي الإيراني الذي كاد يفضي إلى حرب عالمية ثالثة توصل أطرافه إلى اتفاق يبدو أنهم جميعاً راضون عنه وكاسبون؛ فكيف بمشكلتنا هذه التي تعتبر بالقياس بسيطة؟ في واقع الأمر ليس مهماً إن كان التوصل إلى تفاهمات واتفاقات وحلول سيتم مع احتفالات البلاد بالعيد الوطني المجيد أو مع بداية العام الميلادي الجديد أو حتى بعد ذلك بقليل. فالمهم هو أن يتم ذلك، وأن يكون الاتفاق نهائياً، وأن تكون الحلول المقترحة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، وبالتأكيد أن يكون الاتفاق جبراً لكل ضرر وعادلاً ونهائياً وضامناً لعدم عودة الأحوال إلى سابق عهدها. مساحة التفاؤل التي توفرت في اليومين الأخيرين تجعل المرء يتفاءل باتساعها يوماً بعد يوم؛ بل ساعة بعد ساعة، وتوفر مساحة التفاؤل في هذه الفترة مهم للغاية، فهي توفر الإحساس بأن كل الأطراف راغبة في عمل شيء ما يؤدي إلى وضع النقطة في نهاية السطر الذي ظل مفتوحاً نحو ثلاث سنوات وقاسى بسببه الجميع.سيقول البعض إن علينا ألا نتفاءل كثيراً وألا نضع آمالاً كبيرة على لقاءات غير معلنة لا نعرف المشاركين فيها ولا نعرف التنازلات التي سيقدمها كل طرف. هذا الكلام ينبغي الرد عليه ومحاصرته وعدم السماح بانتشاره، فالتفاؤل الكثير مهم ومطلوب ولا بد من منح الثقة للأطراف الداخلة في هذه اللقاءات بغض النظر عن الأشخاص الممثلين لها، ذلك أنه لا خيار أمامنا سوى التفاؤل وبقوة لنجد الخير، ولا خيار أمام كل الأطراف ذات العلاقة بمشكلتنا الآن سوى عقد مثل هذه اللقاءات غير العلنية والبعيدة عن الضوضاء وتأثيرات الأقاويل الكثيرة والضغوط، ولا خيار أمام هؤلاء سوى تقليل هامش المكاسب الضيقة كي يكسب الجميع ويكسب الوطن. ولكن هناك أمر، فمثل هذه اللقاءات المبشرة لا يمكن أن تستمر طويلا إن لم تتوقف تلك الممارسات التي لا يتحقق بسببها شيء ولا توصل أي رسالة سياسية، لذا بات مهماً أن يتخذ أولئك الجالسون في الظل قراراً بالتوقف عن كافة أنواع الاحتجاجات السالبة هذه وأن يتحولوا، ولو لبعض الوقت، إلى أداة إيجابية تعين على تحقق شيء يعيد الابتسامة إلى وجوه الناس.