ينقض جيش الأسد على الخطايا بكل لهفة مغنياً رجاله بحماس إن قتل إنسان مأساة أما مقتل ألف إنسان فمسألة عدد، حيث لم يجدوا من وسيلة أسرع لتحقيق هذه المقولة إلا السلاح الكيماوي، وعندما تطفو في خيال المراقب جثث أطفال الغوطة لا يجد إلا التساؤل؛ كيف استخدم الأسد السلاح الكيماوي تحت أنظار العالم؟ وكيف نستطيع إدانته؟لقد اكتفت وسائل الإعلام منذ يوم الجريمة بالمتابعة والرصد دون التحليل العميق لأسباب جرأة النظام على ارتكاب المجزرة، حيث ركزت على أسبابها. ثم بعد أسبوع تحولت الأنظار في خلط مشين للأوراق إلى السؤال عمن قام بالمذبحة، ولسنا في معرض التبخيس من تلك التعليقات، لكنها كانت ذات مرتبة تفسيرية فقط، لا استشرافية للأحداث التي نراها كالتالي: - كان استخدام الكيماوي للخروج من مأزق تكتيكي جراء تحقيق الجيش الحر لخروقات في معارك المطاحن على طريق المطار، ونقلهم الطحين والدقيق للغوطة الشرقية، مما دفع جيش الأسد للاعتماد على أساليبه الانتقامية المعتادة بعد فقدانه المطاحن، تلاها الاعتداء على موكب الأسد في العيد، كما إن اليأس قد استبد بالنظام فاستعجل تحقيق الهدف الاستراتيجي بالانكفاء على نفسه عبر عمل وحشي يجعل قيام الدولة العلوية أهون شرور النظام بعد المجزرة.- يدير الإيرانيون مسرح العمليات، كما قال رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا قبل أيام من المجزرة، مما يجعل إبادة السوريين أمراً لا يمكن مقارنته بما خسروه جراء هجمات صدام الكيماوية، كما إن اللوم سيكون على عاتق الأسد الذي إن لم يحسن التملص بالادعاء أن الثوار هم من قتل الأطفال فهو غير جدير بمنصب الحليف الاستراتيجي لطهران.- لن يتردد نظام الأسد الدموي عن استخدام السلاح الكيماوي ضد شعبه حتى ولو كان كالإيحاء المعتمد الذي أريد له أن يصبح استنتاجاً في النهاية بعزمه التوسع في استخدامه ضد الغرب وإسرائيل لو تعرض للتدخل الدولي.- لقد استخدم الأسد السلاح الكيماوي لأنه لم يوقع اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، بذريعة أن إسرائيل لم توقع اتفاقية حظر انتشار السلاح النووي، وهذا ما صعب عمل فريق المراقبين الدوليين، وأعطى الأسد الجرأة لقتل شعبه أمام أعينهم. ففي حماية الفيتو الروسي والصيني لا يستطيع فريق التفتيش الذهاب متى أو أين يشاء للتفتيش، فدمشق في حل من الالتزام بمطالبهم، وحرية تنقلهم منة من النظام لا التزام منه.- تتفق حيرة العالم أمام فاجعة المجزرة مع حجم حيرته في تحديد نوع السلاح المستخدم، فلم يقم الأسد بقتل شعبه أمام المفتشين إلا وهو على يقين بصعوبة كشف نوع السلاح، فهل استخدم سلاحاً روسياً جديداً؟ يصبح ذلك وارداً إذا أخذنا في الحسبان أن الروس قد أقروا أن لديهم مخزوناً من الأسلحة الكيماوية من أنواع خاصة، وتذرعوا بعدم وفاء العالم لهم بالتزامات مالية تساعدهم في تدميرها، بل إن موسكو نالت مهلة إضافية في عام 2012 لتدمير تلك الأسلحة بناء على اتفاقية «BTWC 31» ديسمبر 2007، فهل قتل أطفال الغوطة بسلاح روسي يصعب اكتشافه.إذا كيف نستطيع إدانة الأسد باستخدام السلاح الكيماوي ضد شعبه، وهو الذي فعلها تحت أنظار العالم! هذا السؤال ليس من الأسئلة التي تطرح من أجل جواب فحسب؛ بل من أجل القيام بمهمة، وتلك المهمة هي البحث في سوريا عن رجل محدد، ففي 2003 نفذت القوات الجوية الأمريكية خطة «الصدمة والترويع» ضد فرق الحرس الجمهوري العراقي وحطمتها ليسقط بعدها نظام البعث الدموي في بغداد، وقد شن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن حرب تحرير العراق بناء على معلومات قدمها مهندس عراقي اسمه «رافد أحمد علوان»، وكان اسمه الرمزي كيرف بول «Curve ball»، وأكد فيها بالوثائق أن العراق كان يملك منشآت متحركة لإنتاج أسلحة الدمار الشامل، فهل سنرى قريباً «رافد أحمد علوان» السوري؟
Opinion
سر الهجوم الكيماوي السوري عند «رافد أحمد علوان»
28 أغسطس 2013