يدخل ائتلاف الوفاق الحوار وهو يتعرّض لأكبر حالة تشظٍّ منذ أن تأسس في 2001، حيث انقسم الائتلاف وعاد كل منهم إلى قواعده، بين مجموعة «علوي وخلولي» ومجموعة سرايا الأشتر ومجموعة الشورى المهمشة ومجموعة الوسطاء التي لا تعرف أين مرساها ولمن الكلمة. «علوي وخلولي» ألقاب أطلقتها فلول ما يسمى بسرايا الأشتر الجناح العسكري المتشدد الذي يتبنى عمليات تفخيخ السيارات في البحرين ومركزه لندن والعراق وهم الذين يطلقون هذه الألقاب التصغيرية على الأمين العام للوفاق ونائبه الفطحل، وإن تابعت نوع التعليقات التي تلحق بكل تغريدة للأمين العام أو لنائبه فستجد المخازي من الألفاظ والسب والشتم والتسقيط واتهامات العمالة التي أصبحت تلاحق كل أعضاء الأمانة العامة، فلا تعجبوا إن صعد الفطحل من خطابه ليلة الجمعة، فهو يريد أن يمتص الغضب الحانق الذي يلاحقه منذ أن ضربوه في الدوار.الجناح الإيراني في ائتلاف الوفاق من متشددي خط الإمام ومعهم الشيرازيون يشنون هم أيضاً حملة شعواء على الجناح الأمريكي في الائتلاف، ويتهمونه بالخيانة وببيع القضية و«الرموز»، فعلي مشيمع في لندن يسأل الأمين العام «وينك عن أبوي».أما الوسطاء المتأمركون فقد طردهم الجميع، طردهم عيسى قاسم ولم يعد أحد يسمح بالتعامل معهم، ومحاولات النفخ التي يمنحونها لدورهم من خلال الأخبار التي يزودونها للأمانة العامة وأهمها ما يتعلق بالدور الأمريكي باءت بالفشل بعد أن تقلص الدور الأمريكي واقتصر على طبطبة كراجيسكي ومماطلته!وهنا لا بد أن تعترف الأمانة العامة للوفاق بأنها جرت فعلاً خلف الوعود الأمريكية، دون أن تتأكد بأنها تستطيع أن تمتلك كل الخيوط في يدها، وأغمضت عينها حتى عن الداخل الوفاقي وأغلقت أذنيها عن الشكوى الداخلية وعولت على العون الأمريكي فحسب، حتى قائمتها الانتخابية في 2010 ضمت أسماء سقطت في الانتخابات الداخلية ورأس مالها كان الترشيح الأمريكي لها مثل علي الأسود.والنتيجة كانت انفلاتاً وتشظياً داخل البنية الوفاقية فلم تعد تملك السيطرة عليه، ثم كانت الخيبة الكبيرة بتخلي الأمريكان عنهم، فلا هم صعدوا ولا هم سقطوا، الكل تركهم معلقين في الهواء.تهديد الوفاق لشعب البحرين يوم الخميس بأنهم إن لم ينصاعوا لوثيقتها فإنها ستتركهم لسرايا الأشتر تنهش بهم، يدل على أنها لا تملك يداً عليهم ولا هم يقبلون بها زعامة، ودليل على حالة اليأس التي وصلت إليه الأمانة العامة «يقول لي أحد أعضاء شورى الوفاق إن النهاية بدأت منذ أن همشنا وانفردت الأمانة بالقرار، حينها علمنا أن السقوط وشيكاً فانسحبنا».انفضاض الجمهور الوفاقي من حول الأمانة العامة واضح وبين، بعد أن رأت هذه الجماهير حجم التخبط في اتجاهات بوصلة هذه الزعامات الحديثة العهد بالسياسة وافتقادها للحنكة التي تحتاجها لتعرف كيف تناور وكيف تفاوض، فيرونها ترفع السقف تارة وتخفضه تارة أخرى دون معطيات مادية، لذلك كان حجم الخسائر يزداد مع كل يوم.الأمريكان الذين كان جل اعتماد هذه الزعامة عليهم لديهم الآن قصص أكبر وأعادوا حساباتهم مع دول الخليج ومع الأنظمة التي كانوا على وشك إسقاطها، وحتى إيران لها حساباتها الجديدة الآن وصفحتها التي تريد تبييضها لتحتفظ بمكاسبها، والبريطانيون لديهم مصالحهم الخاصة التي تتحقق بدون تحالفات جديدة غير مضمونة، فوجدت الأمانة العامة نفسها وحيدة إلا من وعد بنصر إلهي أو بتحقق نبوئي!النتيجة سقوط مدوٍّ وتشظٍّ إلى فسيفساء. خاتمة الوفاق درس على القوى السياسية أن تتعلمه جيداً، فالبناء يبدأ من الداخل، يبدأ ببناء الكوادر وبناء القاعدة الجماهيرية بناء ثقافياً واعياً باستحقاقات الدولة لا استحقاقات الثورة، ومن ثم يبنى على نسيج من التحالفات المحلية من التنسيق الداخلي ومد الجسور الوطنية، وآخر ما تفكر فيه أي قوى سياسية هو أن تتكل وتعتمد على تدخل خارجي لمساعدتها على فرض أجندتها على الداخل، فذلك ليس خطأ استراتيجياً، تلك جريمة وسقطة لا تغتفر، فالآخر يعقد الصفقات بناء على مصالحه الخاصة التي تتبدل حسب الظروف. كتب الفطحل في تغريدة له قبل يومين «شخصيات دولية كبيرة ومهتمة بالوضع البحريني تزور البحرين هذا الأسبوع وستلتقي الأطراف البحرينية»، هكذا يتقلص الأمل فلا يتواجد إلا عند أحذية الشخصيات الأمريكية التي تزور البحرين بين فترة وأخرى، الوفاق تجلس على أبواب السفارات وغرف الفنادق تقتات على فتات الأمريكان حين يزورون البحرين في السنة مرة.. ألا ما أخيبها من نهاية.وهذه هي النتيجة.. زعامات كان يطلق إليها قبل عشر سنوات بسماحة وسماحة وأستاذ وأستاذ فأصبحت «خلولي وعلوي»... لا حول ولا قوة إلا بالله.
Opinion
سقوط مدوٍّ
10 سبتمبر 2013