أقر وزراء الداخلية الخليجيون نهاية الأسبوع الماضي مشروع الشرطة الخليجية المشتركة، وهو مشروع طموح جاء بعد انتظار طويل من المنظومة الخليجية. هذا المشروع ليس كما يتصوره البعض بأن قوات شرطة مشتركة على غرار فكرة قوات درع الجزيرة، أو مشروع الجيش الخليجي الموحد الذي مازال قيد الدراسة، بل الشرطة الخليجية بمثابة إنتربول خليجي، وبالتالي هو جهاز مهم في المنظومة الخليجية لتعزيز الأمن الداخلي. اتفاقات أمنية كثيرة بين دول مجلس التعاون الخليجي، وهي بلاشك تزداد مع زيادة التحديات الأمنية في منطقة الخليج العربي. فخلال العقد الأخير على الأقل زاد التعاون الأمني كثيراً بين دول المجلس من أجل تسليم المجرمين أو المطلوبين، وكان هناك أيضاً تبادل معلوماتي واستخباري مستمر ساهم في حفظ الأمن الداخلي الخليجي. ولكن الحاجة اليوم لا تتطلب مجرد تعاون أمني وتنسيق أمني مشترك، بل تتطلب وحدة أمنية بمعنى ألا تقتصر التحديات الداخلية التي تواجهها دولة ما على هذه الدولة فحسب، بل إن المسؤولية تضامنية وفق فكرة الأمن الجماعي، وبالتالي من حق جميع دول مجلس التعاون المشاركة في حفظ أمن الدولة التي تواجه مثل هذا التحدي، لأن عدم المشاركة والدعم الأمني سيؤديان بالضرورة إلى تدهور الأمن الخليجي وتأثر الدول الخليجية الأخرى. يحسب لوزراء الداخلية الخليجيين، وفي مقدمتهم وزير داخلية البحرين الذي يرأس الدورة الحالية لمجلس وزراء الداخلية جهودهم في إقرار مشروع جهاز الشرطة الخليجية، والمسؤولية باتت اليوم ملقاة على عاتق أعضاء المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الذين سيجتمعون خلال أسابيع قليلة في العاصمة الكويتية. السؤال هنا؛ ماذا بعد هذه الخطوة؟ ولو أقر قادة دول مجلس التعاون في قمة الكويت مشروع الشرطة الخليجية، ما هي الخطوة المرتقبة؟باعتقادي البسيط فإن الأولويات الملقاة على عاتق الشرطة الخليجية أو مجلس وزراء الداخلية الخليجيين هي إعداد قائمة بالتحديات الأمنية التي تواجه الخليج. وهنا يقصد بالتحديات الأمنية تلك المتعلقة بالأوضاع الداخلية سواءً كانت سياسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، أو حتى أيديولوجية. رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على تأسيس المنظومة الخليجية، فإن تعريف التحديات الأمنية لدول هذه المنظومة كان غائباً معظم الأوقات، وقائمة التحديات المطلوبة ليست للفترة الحالية فقط، بل المطلوب رؤية استشرافية للتحديات التي يمكن أن تكون مستقبلاً حتى تتاح الفرصة للاستعداد لها من الآن، بدلاً من انتظارها ومن ثم التحرك في صيغة ردود أفعال.