إلى أي مدى يؤثر تحالف الولايات المتحدة الأمريكية مع الشقيقة قطر في ملف الربيع العربي على مسيرة دول مجلس التعاون نحو الاتحاد؟لا أحـــد يستطيـــع أن ينكـــر أن الولايـــات المتحـــدة الأمريكية منحت الشقيقة قطر دوراً حيوياً في مشروع الربيــع العربي، لقد كانت لها قفازاً دخلت من خلالــه إلى كــل من ليبيـــا وتونـس ومصر، متخذة موقفــــــاً يتقاطع وبشكل كبير مع الموقف السعودي في الملف المصري والملف السوري والملف اليمنــي، ولا ننســـى كذلك موقفها من الملف اللبناني، وحتى في علاقتها مع تركيا ومع إسرائيل كانت قطر دوماً في الاتجاه المعاكس للمملكة العربية السعودية وقريباً جداً من الرؤية الأمريكية للمنطقة.إنما من الملاحظ أنه حيثما تولِّ السياسة الخارجيــة للمملكة العربية السعودية وجهها تولِّ قطر وجهها للاتجاه المعاكس، ثم أخيراً لعبت الشقيقة قطر ـ مع الأسف- دوراً أضر حتى بالأوضاع داخل عدد من الدول الخليجية، ولا يمكن لأحد أن ينكر أن عتباً كبيراً وصل للشقيقة من البحرين والكويت والسعودية حول العلاقة التي تربطها بالجماعات الراديكالية في معظم الدول الخليجية، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل هذه السياسة القطرية التي تتبع تجاه دول مجلس التعاون تتم برعاية أمريكية أيضاً؟ هل هي استكمال للدور القطري في ملف الربيع العربي؟ بمعنى هل القفاز القطري الذي تدخلت به أمريكا في ليبيا وتونس ومصر هو ذاته الذي تستخدمه مع دول مجلس التعاون الأخرى؟ وما أثر هذه السياسة على مشروع الوحدة الخليجية؟ وهذا هو المهم، خاصة والاتحاد هو مطلب للشعب القطري قبل أن يكون مطلباً للبحرينيين أو السعوديين، فإلى أي مدى يؤثر ذلك العتب على مسيرة الاتحاد وإلى أي مدى له أثر على تأخر إعلان الاتحاد؟وهل تدرك الشقيقة قطر أن التحالف الأمريكي القطري سيكون على حساب التحالف الخليجي الخليجي يوماً ما حين تتقاطع أهداف تلك التحالفات؟ على الجانب الآخر ما أثر التطمينات التي سارعت بإرسالها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه دول مجلس التعاون بشكل عام وتجاه البحرين بشكل خاص؟ ولمَ أرسلتها الآن ومع اقتراب اجتماع القمة الخليجية؟ فهل نجحت في تهدئة المخاوف ونجحت في تبريد الحماس والاندفاع تجاه مشروع الوحدة الخليجية؟هل الاحتفاء بتصريح المسؤولين الأمريكيين عن بقاء الأسطول الخامس يخفي وراءه فتوراً في مسيرة الاتحاد؟ هل تندفع البحرين تجاه الاتحاد حين تدير أمريكا ظهرها لها، ثم يفتر حماسها حين تقبل عليها أمريكا؟حقيقة مهمة لا يعرفها الأمريكان عن عرب الصحراء، وهي أنك من السهل جداً أن تكسب ثقتهم، أبوابهم مفتوحة وأهل فزعة و لكنك حين تخون تلك الثقة فمن الصعب جداً إن لم يكن من المستحيل أن تعيد بناءها!!خلاصة القول إن من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية بقاء دول مجلس التعاون قوية إنما إلى حد لا يجعلها تستغني عن التحالف معها وأن أي دور أو صداقة تدعيها وتمنحها لأي طرف فمرهونة بمصالحها المتقلبة، وتفضل بالتأكيد التعامل مع دول مجلس التعاون كدول متفرقة تنفرد بكل واحدة منهم أسهل ألف مرة من التعامل مع وزير خارجية واحد وسياسة واحدة، وقوة اقتصادية واحدة ضخمة كتلك التي تنشأ من بعد الاتحاد.نرجو أن تعي قيادات دول مجلس التعاون هذه الحقائق، وأن تكون قمة الكويت القادمة انطلاقة لإزالة هذه الشوائب الأمريكية التي علقت بالثوب الخليجي.