الحوار الذي يسميه أحد المقيمين في الخارج «خوار العجل»، ويقول عنه إنه «مدخل لإدانة الثورة طائفياً وعودة انهزامية إلى برلمان 2014»، يوجه به اتهاماً صريحاً وواضحاً للجمعيات السياسية، وعلى الخصوص جمعية الوفاق، بأنها إنما تبحث في تواصلها مع السلطة عن مصلحتها الخاصة وليس عن مصلحة «جماهيرها»، وبالتالي فإنها تستحق صفة الخيانة، هذا الحوار الذي بدأ سمو ولي العهد أولى خطواته الأسبوع الماضي يعتبره البعض المحسوب على الطرف الآخر تنازلاً من غير حق للجمعيات السياسية التي ارتكبت أخطاء كبيرة أيام الدوار، وبالتالي فإن في الخطوة ظلم لا يمكن استيعابه ولا يمكن قبوله به. الجمعيات السياسية أيضاً كان لها كلام وتصريحات، وكذلك المحسوبون عليها. لم يبق أحد إلا وقال ما طاب له أن يقوله في مبادرة الملك التي يريد من خلالها وضع نقطة في نهاية السطر ليعيد إلى الحياة بهجتها.لست ألوم أحداً بما قاله لأنني أعلم أنه تضرر بطريقة أو بأخرى من الأحداث، لكن الأخطاء حدثت من الجميع، وكان من الطبيعي في مثل تلك الظروف التي مرت بها بلادنا أن يقع الجميع في الأخطاء. الكل أخطأ؛ ويخطئ من يقول إنه لم يخطئ، فلولا الأخطاء لما وصلنا إلى الحال التي صرنا فيها.لكن في كل الأحوال لا بد أن نتجاوز ما حدث لنصل إلى نقطة التلاقي، لأنه لا مفر لنا من العيش معاً. هذا قدرنا ولا نستطيع أن نهرب منه. نحن نعيش في بلاد صغيرة جغرافياً لا تقبل إلا أن نعيش فيها جميعاً. لا يمكن لأحدنا أن يلغي الآخر مهما فعل، وبالتالي لا بد أن نتعايش ونتحمل بعضنا البعض ولا بد أن نرمي ما حدث لنا وراء ظهورنا وننساه.المسألة ليست سهلة، هذا صحيح، ولكن لا دواء لنا غيره وإن كان مراً. لا يمكن منطقاً أن نتحاسب بالطريقة التي تجعل كل واحد منا مرتاحاً وراضياً بدرجة مائة في المائة، فمقابل أخطاء هذه الفئة تتواجد أخطاء الفئات الأخرى. الخطأ الأكبر هو أن يصر كل واحد منا على رأيه ويعتقد أنه وحده الذي كان مظلوماً وسيخرج خاسراً. الظلم شمل الجميع؛ والأخطاء ركبت الجميع والخسارة ستشمل الجميع إن بقي الحال على ما هو عليه. التفاهم للوصول إلى توافق في مثل هذه الحال التي صرنا فيها لا بد منه «كي يمشي البلد»، من دونه تزداد مشكلتنا تعقيداً. كل ما جرى علينا كان صعباً وقاسياً والكل تضرر مثلما أن الكل أخطأ وإن اختلفت النسب، لكن لا مفر لنا في نهاية المطاف من إيجاد حل لمشكلتنا، والحل لا يمكن أن يتوفر خارج الحوار، والحوار الذي تعطل لأسباب كثيرة يحاول جلالة الملك أن يعيد إليه الحياة من جديد، لذا كلف جلالته سمو ولي العهد للقيام بهذه المهمة التي من الطبيعي أن يلتقي فيها بجميع الفرقاء رغم كل مواقفهم السابقة وتصريحاتهم، وهذا هو طبيعة العمل السياسي الذي يتطلب أن يلتقي المسؤول بالجميع بغض النظر عن كل شيء.لكي نخرج من المأزق الذي صرنا فيه وعطل حياتنا جميعاً لا بد من إيجاد الأعذار لبعضنا البعض وغض النظر عما جرى والنظر إلى المستقبل وإلى مصلحة هذا الوطن الذي عانى كثيراً. وقوف البعض منا في وجه المبادرة التي انتظرناها فيه تقوية لأولئك القابعين في الخارج من الذين يسعون إلى تحقيق أهدافهم التي من دون تفرقنا لا يستطيعون تحقيقها. هم يقفون بوضوح ضد المبادرة ويشككون في نزاهتها ويرفضونها، واتخاذنا منها موقفاً سالباً يصب في مصلحتهم مباشرة.
Opinion
لماذا الهجوم على المبادرة؟
21 يناير 2014