يتدفق المهاجرون السوريون نحو أوروبا بقوارب الموت، أو تهريباً عبر الحدود البرية بين تركيا وبلغاريا، أو بوسائل أخرى، مخاطرين بحياتهم ومستقبلهم، أملاً في الهروب من جحيم الحرب والوصول إلى مكان أكثر أمناً.وتستقبل الشواطئ الأوروبية قوارب وسفناً يومية تقلّ سوريين يغادرون عبر الشواطئ المصرية والليبية والتونسية، فيما ارتفعت تجارة "تهريب البشر" من المنطقة العربية إلى القارة الأوروبية بسبب تصاعد وتيرة القتال في سوريا، مع استمرار تراجع القبضة الأمنية على السواحل الليبية والمصرية، ما سهّل من عمليات التهريب.ورغم أن العديد من السفن والقوارب تغرق في عرض البحر، أو تواجه خطر الغرق، ومن ثم موت ركابها، إلا أن سوء الأحوال المعيشية في سوريا يدفع السوريين إلى بذل قصارى جهدهم من أجل الوصول إلى الشواطئ الأوروبية وطلب اللجوء إليها.عشرات السوريين الهاربين من بلادهم في مخيم معزول وذي وضع مأساوي في جزيرة مالطا، جنوبي الشواطئ الإيطالية، حيث يضم المخيم العشرات من السوريين والفلسطينيين القادمين من سوريا، والذين وصلوا إلى الجزيرة بقوارب الموت التي تنطلق من السواحل الليبية بين الحين والآخر.وقال رئيس الجالية السورية في مالطا زكريا الخطيب إن السوريين وصلوا الى مرحلة "أصبح فيها الموت المحتمل في عرض البحر أهون عليهم من الموت الأكيد بقصف الدبابات أو بالغاز الكيمياوي".وأشار الخطيب إلى أن اللاجئين السوريين يصلون الى الشواطئ الأوروبية وهم في حالة بالغة السوء، وبعد أن يكون الكثير منهم قد فارق الحياة، مشيراً الى أن الوضع الذي يواجهونه أيضاً بعد الوصول ليس جيداً.وبحسب الخطيب فإن الجالية العربية في أوروبا تعمل على مدار الساعة من أجل تقديم المساعدات لهؤلاء الهاربين الذين يصلون إلى هذه البلاد طالبين اللجوء، والحصول على الأمان."رحلات الموت" مكلفةوقال لاجئون سوريون في مالطا إن رحلة العذاب التي مرّوا بها بدأت بمغادرة سوريا الى مصر، ومنها تسللوا بصورة غير مشروعة إلى ليبيا، ومن هناك تم التعاقد مع مهرب ليقوم بتهريبهم نحو أوروبا، حيث كانت وجهتهم إيطاليا التي كانوا يعتزمون المرور منها وصولاً الى السويد أو أية دولة إسكندنافية لطلب اللجوء فيها.وقال أحد اللاجئين في مالطا إنه دفع للمهرب الليبي 1500 دولار حتى يركب السفينة باتجاه إيطاليا، إلا أن السفينة التي كانت تقلّهم غرقت في عرض البحر بالقرب من المياه الإقليمية المالطية، ومن ثم أصبح لاجئاً في مالطا بعد أن فقد كل شيء.وحسب المعلومات التي حصلت عليها فإن أعداداً كبيرة أيضاً من اللاجئين السوريين يتدفقون منذ عدة شهور بهدوء عبر الحدود التركية البرية إلى بلغاريا التي يطلبون فيها اللجوء أيضاً.ويقول الهاربون الى هناك إن أحوالهم أسوأ من أولئك الذين يلجؤون الى مالطا وإيطاليا، حيث تدفع الحكومة البلغارية لكل منهم يورو واحداً يومياً، لا يكفي حتى لشراء ساندويش أو عبوة واحدة من حليب الأطفال، كما يقيمون في مخيمات أيضاً بأوضاع بالغة السوء.يُشار الى أن تقديرات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تتحدث عن أن أكثر من ستة آلاف لاجئ سوري تمكنوا من الوصول الى أوروبا منذ شهر أغسطس الماضي وحتى أواخر أكتوبر، أي خلال ثلاث شهور فقط، أما الذين التهمهم البحر فيقدر عددهم بنحو 500 لاجئ سوري منذ مطلع العام الجاري.