يا لها من معارضة وطنية؛ يا لها من معارضة تبحث عن مصلحة الوطن؛ يا لها من معارضة تدعي أنها تسعى إلى وطن قائم على المواطنة الكاملة. هذه المعارضة، وبعد تشرفها بالجلوس مع سمو ولي العهد تدير بوجهها إلى الغرب، وها هو العضو الوفاقي عبدالجليل خليل يصرح بأن وفداً ممن يسميهم بقوى المعارضة يزور العاصمة البريطانية ضمن جولة خارجية أوروبية، ويضيف أنه التقى بمسؤولين في وزارة الخارجية البريطانية، وأن الحديث دار بينهما عن لقاء الجمعيات المعارضة بولي العهد ضمن تهيئة الأجواء لحوار جديد، ومعوقات الوصول -على حد زعمه- إلى تسوية سياسية في البحرين.ماذا تريد إذاً هذه المعارضة؟ ها هي حتى اليوم مازالت تسمي رجال الأمن والمخلصين من الوطن بمرتزقة النظام، ومازالت ميلشياتها تمارس عملياتها الإرهابية، في الوقت الذي ترفع فيه الدول نقاط التفتيش عن المناطق التي تنطلق منها الأعمال الإرهابية والتخريبية.هذه المعارضة تدير بوجهها إلى الغرب كي تستعد للجولة التي تلي الحوار وما يتمخض عنه من نتائج، وتتدارس معه الخيارات التي ستساندها دول الغرب في تنفيذها، من نقل الحوار إلى أبعد من الدولة، وذلك بعدما تحقق لها مطلبها بالجلوس المباشر، وقد يكون ذلك بسبب دخول طرف ثالث في الحوار وهم أهل الفاتح، حيث كانت الوفاق تصر أن يكون الحوار فقط بينها وبين الدولة لأنها صاحبة القضية، وما تصريح علي سلمان، «بأن الوفاق والمعارضة لن ترضى بحل يظلم السنة وأن أبواب الوفاق والمعارضة وآذانهم مفتوحة لسماع مطالب السنة»، إلا دليل على إصرار الوفاق بأن يكون الحوار مباشرة بينها وبين الدولة فقط، كما إن هذه الجولة تحمل في طياتها أموراً لا تبشر بالخير، حين يتدخل الغرب ويصر على أن يكون الحل في الجولة القادمة خارج البحرين.وها هو مسؤول غربي شارك في التحضيرات لمؤتمر «جنيف-2» يصرح لصحيفة الرأي الكويتية أن «دعوة إيران والبحرين إلى مؤتمر جنيف السوري سيتيح للبلدين اللقاء والبحث، بأفق متفائل، في خريطة طريق لحفظ استقرار البحرين بتعاون من إيران»، أي أنه قد يطرح الملف البحريني كي يتساوى مع الملف السوري، وذلك يتم من خلال هذا المؤتمر تدويلاً للقضية رسمياً، إذ أن تلميح هذا المسؤول لم يأتِ صدفة، بل هي نية إن لم تكن اليوم ستكون غداً، وما جولة الوفد الوفاقي في الدول الأوروبية إلا من أجل التشاور في الاحتمالات والخيارات المستقبلية التي سيتعاون فيها الغرب مع الوفاق، من أجل الوصول إلى تسوية تقرب الوفاق من السلطة التنفيذية بمسافة أقل وفي وقت أقصر، كما إن هذا المسؤول الغربي بتصريحه هذا يثبت بأن إيران هي من تدعم المعارضة التي تسمي نفسها معارضة وطنية فإذا بها هي موالية لإيران ومتحالفة مع الغرب، فيا لها من معارضة وطنية.يواصل عبدالجليل خليل في نفس التصريح الذي تحدث فيه عن الجولة الأوروبية لمن يسميهم بقوى المعارضة، فيقول «هناك من لا يريد أن يخرج الوطن من أزمته، وهناك قوى وفعاليات تتضرر من الحل السياسي العادل، خوفاً من فقدانها امتيازاتها»، فانظروا كيف يطعن هذا في الوطنيين المخلصين، والذين لا يخرجون عن دائرة حكامهم مهما أصابهم من غم وضيم، في الوقت الذي فيه يمتدح قواه المعارضة التي تتجول في أوروبا بحثاً عن دعم ومساندة، وتطرح ملفات البحرين على طاولات الحكومات الغربية فيسميها معارضة من عينه وتسيح في دمه.هل من يخاف على وطنه من وصول شخصيات موالية لإيران تأخذ تعاليمها من الولي الفقيه وتتدرب ميلشياتها في النجف وجنوب لبنان، في نظرك، أنهم لا يريدون أن يخرجوا الوطن من أزمته خوفاً على فقدان امتيازاتهم؟ هل هم من تسببوا بالأزمة أو أولئك الذين يتخابرون مع السفارات الأجنبية في البحرين ويتجولون جولات أوروبية لا نعلم من الذي يغطي نفقات إقامتهم في أفخر الفنادق ومن يدفع تكاليف سفرهم على الدرجة الأولى؟ أليس هذه امتيازات تحصل عليها الوفود التي تسببت بالأزمة، بل من قادة المؤامرة الانقلابية؟ أما أولئك الذين تقول عنهم بأنهم يخافون على فقدان امتيازاتهم، فهم مواطنون بحرينيون خرجوا دعماً لشرعية حكامهم دون مقابل، فلم توزع عليهم جوائز ولم تخصص لهم رواتب، ولم يستلموا حقائب، ولم تودع في حسابتهم الملايين، بل دفعتهم غيرتهم على دينهم ووطنهم إلى الدفاع عن البحرين.