في ندوة القصور الإعلامي أثناء الأزمة «الواقع والتحديات» التي أقامها الزميل إبراهيم النهام مشكوراً منذ عدة شهور، كشف النائب جواد عباس شيئاً يرمي بالضوء على حقيقة البناء الإرهابي الإيراني بالبحرين الآخذ في التشييد، حين قال إنه في عام 1992 وأثناء زيارته لإيران رأى أن هناك مخططاً واضحاً وجاهزاً باستراتيجية معينة لخلق هوية معينة بالبحرين، وقد أوصل الصوت حينها حول ما يجري لشخصية قضائية معروفة وهو مار بالمحكمة الجعفرية فابتسم وكأنه يعرف!! اكتشف النائب جواد عباس أن هناك أكثر من شخصية تعلم بأمر المخطط الإرهابي منذ تلك السنين -أي بداية التسعينات- إلا أن المشكلة التي كانت تتمثل أمامه كيف باستطاعته هو أن يوصل صوته فيما لا توجد منافذ أو أبواب يطرقها من الممكن أن تستمع للأشخاص المعتدلين من أمثاله وتصدق ما علمه؟ ولعلنا نكمل عليه ونضيف «وأن تتحرك ولا تقف ساكناً أمام بناء إرهابي كان يتم تشييده من بداية التسعينات وتضربه بيد من حديد ولا تتهاون ولا دقيقة في إيقافه وإزالته قبل إكماله؟ وبنفس الوقت تضمن حماية أمثال النائب جواد وتؤمن سلامته هو وعائلته عندما يكشف ما سمعه ورآه في إيران؟».البناء الإرهابي الإيراني الذي كان يتم تشييده وغرسه في العقول في بداية التسعينات لعل شيئاً من آثاره ظهرت في حادثة حرق العمال الآسيويين في سترة ومقتل شرطيين وفي حوادث الإرهاب والتخريب في منتصف التسعينات إلى نهايتها في ما كان يسمى «انتفاضة الشعب» التي جاءت مقتبسة من الانتفاضة الفلسطينية آنذاك، وقد كان الوجه البارز في تلك الفترة هو نفسه الوجه الحالي الذي منع من الخطابة ونفي للخارج عندما بدأ يعتلي المنبر ويستغله لأجندته السياسية التي كانت مؤشراً يكشف وجه بدء التغلغل الإرهابي الطائفي في البحرين!كان واضحاً جداً أن الخطوات الإصلاحية التي قامت بها الدولة في بداية الألفية من أجل لم الشمل البحريني ونبذ العنف والطائفية وإعادة علي سلمان إلى البحرين ووضعه في مجلس النواب المنتخب جميعها لم تستطع أن توقف استمرار تشييد مشروع البناء الإرهابي الإيراني الذي كان مستمراً في التشييد يختبئ ويتخفى تحت عدة شعارات تدعي نبذ الطائفية والتعايش والتسامح وتطالب بفتح باب التوظيف للجميع تماشيا مع المشروع الإصلاحي لجلالة الملك وتتظاهر بأن مطالبها تأتي من مطالب وحقوق الشعب لا المطالب الخارجية باستغلال كل الفرص المتاحة لسرعة الانتهاء من تجهيز البناء الإرهابي، فيما عندما تمت محاولة رفع الستار لإظهار هذا البناء في أحداث فبراير 2011 ليقوم على شاكلة دولة إرهابية رغم عدم اكتمال المشروع والخطأ في اختيار التوقيت لإظهاره، كشفت جميع توجهات هذه الأقنعة التي رغم كل المكتسبات السياسية والدبلوماسية وحتى «المكرمات الخاصة» التي تحصلت عليها «لم تنكسر عينها ولا يسد عينها غير التراب».التاريخ البحريني اليوم يعيد نفسه، وبدا للمتابع والمتأمل له وكأنه يدور حول نفسه في ما يحصل من أحداث أمنية، وإن بدت متكررة لكنها آخذة في التطور، والأدهى أنها بنفس وجوه التسعينات التي لم «ينقع في عينها» مسلسل التسامح والحوار وإعادتها إلى الوطن وإلى منبر الخطابة حتى، فما تكشفه وزارة الداخلية من ضبطها لخلايا إرهابية وما صرح به اللواء طارق الحسن من إحباط أربع عمليات إرهابية نوعية تشمل إبطال مفعول سيارة مفخخة ومحاولة تهريب عدد من المطلوبين إلى خارج المملكة ومحاولة إدخال متفجرات وأسلحة وذخائر إلى مملكة البحرين، منها 50 قنبلة يدوية إيرانية الصنع و295 صاعقاً تجارياً موصولة بقابس كتب عليها صنع في سوريا وضبط مستودع متفجرات وذخائر في قرية «القرية» كلها تؤكد الحاجة إلى اتخاذ خطوات حازمة في تمشيط مناطق البحرين التي لا نعلم من فترة التسعينات إلى يومنا هذا ما تخبئه من مستودعات وأسلحة لم تصل التحريات إليها بعد، وقد تكون مخبأة لمرحلة مستقبلية ضمن خطة إرهابية بديلة عن خطة 2011 وإلى إحكام القبضة الأمنية على المنافذ والمخارج أكثر وإلى اقتلاع منابر الإرهاب وإيقاف قادته بحزم وجدية والتعامل مع الأمر من منطلق ضرورة هدم البناء الإرهابي الإيراني وإيقاف استكماله، فلو كان ذلك قد تم في بداية التسعينات ومع بدء ظهوره لما تضخم هذا البناء الإرهابي وامتد وتطور كما نراه اليوم، والحاجة تستدعي في وقتنا الحالي أيضاً لاجتثاثه وبسرعة حتى لا يأتي الغد لا سمح الله بوضع يصعب فيه السيطرة عليه وإيقافه!في لقاء صحافي بصحيفة الشرق الأوسط يقول اللواء طارق الحسن «إن الشرطة البحرينية تعلمت من التجربة وإننا خرجنا من أزمة 2011 أقوياء أكثر وتغيرت مفاهيم كثيرة بالنسبة لنا وأصبحنا شرطة بمقاييس عالمية» وإن الضربة التي لا تقصم الظهر تقويك، ونحن بدورنا كمواطنين نقول إننا في عام 2013 وبعد سنتين من تجربتنا الأمنية المؤسفة تغيرت مفاهيم كثيرة بالنسبة إلينا، خاصة في ما يتعلق بمسائل التسامح والحوار، ووصلنا إلى قناعة أنه لا فائدة من ضبط «عمال البناء» خلايا إرهابية بدت تتكاثر وتزداد فيما أرض هذا البناء الإرهابي لاتزال باقية و«ومقاولوه من قادة الإرهاب موجودون» فما حدث في عام 2011 ويحصل الآن من عمليات أمنية نوعية مجرد مانع يوقف تزويده بمواد البناء التي تستكمله، فيما هو سيظل باقياً ليستكمل كلما سنحت الفرصة وأشغلت الأجهزة الأمنية أو اخترقت لمدة بما يحتاج إليه، لذا فنحن لن نكون أقوياء بكثير إن لم نتعلم من تجربتنا من التسعينات و2011 أمام قضية إرهابية لم تعد محلية الصناعة في ما تحويه من متفجرات وقنابل مصنعة في إيران وسوريا، بل باتت قضية بمقاييس عالمية.. لن ننسى أننا في 2013 قد ختمنا عامنا الماضي بقناعة أن إرهاب الأمس ليس كما إرهاب اليوم، ولن يكون في وضعه الحالي كما الآن في المستقبل، وأن الحرب على الإرهاب في البحرين باتت قضية مصيرية، ففي التسعينات كان الإرهاب حرق «وتفجير السلندرات» فيما إرهاب ألفية اليوم مولوتوفات وقنابل محلية الصنع وأخرى مستوردة من إيران، ولا نعلم إرهاب المستقبل كيف هو شكله وما سيكون والله يستر!إحساس عابر: على السنة الجديدة أضف إلى هواياتك هواية عمل الخير وخصص من أيامها وشهورها وقتاً تستقطع فيه ساعات عملك وراحتك له ولا تنتظر من ورائه سوى الأجر، ومن بدأ العام الجديد بمعصية الاحتفال فليراجع نفسه قليلاً في نعمة الله في إبقائه حياً متعافياً وليتب أمام زمن كثر فيه موت الشباب والفجأة!
Opinion
لن ننسى عام 2013!!
03 يناير 2014