تقارير لم ينشر منها إلا البعض القليل مؤخراً! كان الجميع تائهاً متسائلاً؛ لماذا لم يعد بعض موظفي ألبا إلى أعمالهم كما عاد موظفو بابكو وباقي المؤسسات؟ هل هناك شيء مخفي أم إن ما حصل في ألبا أكبر مما حصل في بابكو، حيث تركت المصانع وذهب العمال والمشرفون إلى الدوار، أم إن ألبا أهم من بابكو؟ كلها تساؤلات لم نحصل على جواب لها، لأن التعتيم طال ملفات كثيرة وخطيرة، ملفات لم يتطرق لها تقرير بسيوني، ولم يستعرضها المسؤولون عن هذه المؤسسات الحيوية، ولم تذكرها تقارير وزير العمل التي يقدمها لمنظمة العمل الدولية ليبرر عدم إرجاع مفصولين ألبا، كما لم يذكر أسباب فصل العمال الذين عادوا إلى أعمالهم، لذلك كان الحق للعمال المفصولين واللوم والعتب على الدولة، وذلك حين تخفي الملفات ويرجع من فصل الموظفين من أعمالهم، واعتبار ما جرى حرية رأي لا أكثر، حرية الرأي التي طالت شركة بابكو فتوقف فيها الإنتاج، وطالت شركة ألبا حيث كاد الألمنيوم أن يتجمد داخل الماكينات مما قد يسبب إتلافها خسارة قدرها 4 مليارات دولار.كما ذكر التقرير أن هؤلاء العمال سعوا -بأوامر وفاقية- إلى قطع الكهرباء عن خطوط الإنتاج، إذا الوفاق مشتركة في جريمة الإتلاف، كما هي شريكة في خسارة بابكو، وشريكة في كل عملية قام بها المفصولون عن أعمالهم، فأين وزارة حقوق الإنسان عن هذه الحقيقة التي لم تعرضها في ملفاتها في مجلس حقوق الإنسان بجنيف؟ وأين المؤتمرات الإعلامية بعد تطهير الدوار؟ إذ كان من المفترض والواجب أن يخرج الرؤساء التنفيذيون لشركة ألبا وبابكو ويعلنوا ماذا كان سيحصل من كوارث بيئية واقتصادية وأمنية، وماذا ستكون نتيجة توقف هذه المصانع، وتأثيراتها الخطيرة حيث ستتحول البحرين إلى كتلة جامدة لا حركة فيها ولا إضاءة ولا اتصالات، هذه الشركات الحيوية التي أنيطت مسؤولياتها لمن يغدر بالوطن.نعود إلى ما ذكره نفس التقرير؛ بأن الفضل في عدم توقف العمل في مصاهر ألبا يرجع إلى 500 من الموظفين الشرفاء، الذين عملوا طوال 10 أيام لمدة 24 ساعة، ولم يخرجوا من الشركة نهائياً لحين انتهاء الأزمة، فأين الرئيس التنفيذي لهذه الشركة عن تقديم الشكر والتقدير والمكافأة لهؤلاء الموظفين؟ أليس من الواجب على الشركة والدولة وأجهزة الإعلام الرسمية والخاصة تقديم هؤلاء الأبطال في برنامجها وعلى صفحات جرائدها؟ لماذا لم تجر مقابلة مع أحد منهم ليحكي حقيقة ما حدث في ألبا ومحاولة الانقلابيين وضع خيام داخل الشركة؟ أم أن مصيرهم كان كمصير شرفاء بابكو، حيث تم مكافأة الانقلابيين وعادوا إلى مواقعهم بمكافآت وترقيات ودورات في الخارج، بينما الموظفين الشرفاء الذين لازموا الشركة تم تطفيشهم والضغط عليهم لدرجة أن أحد مدراء الانقلابيين في بابكو أخذ ينتقم منهم، حيث طلب من أحد هؤلاء الموظفين الاستقالة مقابل 100 ألف دينار أو تسخيره للعمل دون رحمة.ما ذكره التقرير أمر خطير للغاية، وهناك الكثير من التقارير التي تحمل معلومات خطيرة عما قام به الانقلابيون، والذين تم إرجاعهم إلى أعمالهم بناء على توصيات تقرير بسيوني، كما أرجع المبتعثون على حساب الدولة إلى مقاعد الدراسة، وذلك كي يعودوا مرة أخرى إلى مواقع حساسة في الشركات والمؤسسات الوطنية، بل وفي مناصب قيادية، إذ إن الدولة تظن أن الدراسة في الخارج ستنظف قلوبهم وقد يكون هذا الجميل محل تقدير، ولا زالت الدولة مع الأسف مستمرة في هذا الظن، حتى زادت من سنوات دراستهم حيث يدرسوا الثانوية في أمريكا وأوروبا ويختلطوا بثقافات مختلفة، ظناً أن ذلك سيغير ما زرع فيهم وهم يخطون خطواتهم الأولى إلى طريق تخريب العقول والقلوب، حيث يزرعون في نفوسهم الحقد على الدولة والمجتمع وكل من يختلف عنهم أو معهم.إن هذا التقرير خطير جداً، فقد كشف أن الوفاق تسيطر على هذه الشركات وغيرها من مؤسسات، وخطير عندما نكتشف أن 500 مواطن من الشرفاء ذابوا بين مصاهر الألمنيوم كما ذاب شرفاء بابكو، دون أن نعرف أسماءهم، ودون أن يخصهم تقرير بسيوني بالذكر أو يأمر لهم بتعويضات.لذلك فمن الواجب اليوم وبعد هذا التقرير أن تكشف كل التقارير التي تم توريتها الملفات والدواليب، وأن تنشر العمليات الإجرامية التي قام بها الانقلابيون في كل شركة ومؤسسة، وأن يتم إنتاج برنامج خاص على تلفزيون البحرين يكشف مثل هذه التقارير، وذلك للرد على الهجمة الإعلامية من قبل منظمة العمل الدولية وغيرها من منظمات حقوقية، فهذا الصمت والتعتيم هو الذي فتح المجال للمنظمات الأجنبية والدول الغربية وأمريكا للتدخل في شؤون البحرين، وذلك حين استفادت الوفاق من هذا الصمت وقدمت تقارير لا تستند إلى أدلة ولا شهود، فقط كان دليلها أنه لا يوجد ما يفند تقاريرها. كما نلوم جمعية تجمع الوحدة الوطنية التي تجاهلت بعد فشل المؤامرة الانقلابية هذه الملفات الخطيرة، ولم تأبه بالشرفاء الذين أنقذوا البحرين من كوارث كانت ستقع لولا ستر الله ثم جهود هؤلاء الموظفين، في الوقت التي كانت فيه الوفاق تكرم الانقلابيين وتباركهم.وقد آن الأوان أن تصحح الدولة الأوضاع، وأن تراجع هيكلة هذه الشركات وغيرها من المؤسسات الكبرى والحيوية، ويجب مكافأة الشرفاء في شركة ألبا وشركة بابكو وفي كل المؤسسات الوطنية الأخرى، فالوقت ليس متأخراً، بل هو الوقت المناسب لنعرف الأبطال الحقيقيين، والذين وجب على الدولة أن تنقش أسماءهم بماء الذهب في لوحة واحدة أمام بوابة شركاتهم، ولوحة أخرى في متحف البحرين الوطني لتحكي قصة الشرفاء الذين كشفت المؤامرة عن معدنهم، وكشفت الخبيث وميزت الطيب، الذي يجب أن تعتمد الدولة عليه وعلى أبنائه في بناء حاضرها ومستقبلها، الشرفاء الذين يجب أن يكون لهم ميزات خاصة ولأبنائهم من بعدهم تقديراً وتكريماً لتضحياتهم التي قدموها بصمت، وحبسوا قهرهم في قلوبهم كرامة للبحرين.فكل التحية والتقدير لشرفاء ألبا وبابكو وغيرهم في المؤسسات الوطنية الأخرى.. وجزاكم الله خير عن البحرين وأهلها، ونذكركم بقول الله تعالى (إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين).