صدر التقرير العاشر لديوان الرقابة المالية والإدارية، وهو الأضخم هذه المرة، والذي يتكون من «765» صفحة بوزن خمسة كيلوغرامات، ليؤكد أن الهدر للمال العام مازال مستمراً والمخالفات الإدارية والتجاوزات لم تتوقف؛ بل يبدو أنها ازدادت هذه المرة ولم تقل، الأرقام بالملايين مخيفة تجعلنا نتساءل أين المحاسبة للمسؤولين من الوزير إلى الغفير؟ أين تطبيق القانون؟ أين مجلس النواب في إحالة أي مسؤول يثبت ضلوعه في الفساد إلى النيابة العامة ومحاكمته بل وحبسه وتغريمه ليكون عبرة لغيره؟ إذا ما تم ذلك فإننا لن نرى عجزاً في الموازنة العامة للدولة ولن نحتاج لمساعدات خليجية «المارشال»، أقولها لكم صريحة إن بلادنا لديها خير ولديها أموال قد تجعل الشعب يغرق من البحبوحة لولا وجود فساد مستشرٍ في العديد من الجهات والهيئات الحكومية ومسؤولين لا يخافون الله أولاً وثانياً لا يراعون الأموال العامة لوطنهم.تابعت وقرأت عناوين صحفنا كما -هو شعب البحرين بأكمله- في صبيحة يوم الخميس على صدر صفحات الصحف والملاحق الثقيلة لتجاوزات الجهات الحكومية ومؤسسات وهيئات الدولة يشيب لها الرأس، أرقام وفواصل وأصفار لا تعد ولا تحصى، مخالفات إدارية، استغلال بعض المسؤولين صغاراً وكباراً في نهب أموال وخيرات بلدهم التي من المفترض بهم هم أول من يحافظ على ثروته لا أن يستغلوا مكانهم في سرقة خيراته وهي في الأساس للشعب وللمواطنين من أبنائهم وإخوانهم، السؤال هو إلى متى سيتم كل عام تسليم التقرير للقيادة الرشيدة ولمجلس النواب ولا نرى محاسبة فعلية جادة تكون سبباً لوقف هذا الهدر الذي يدمي القلب على بحريننا التي لا «تستاهل» كل ذلك.ما يتمناه شعب البحرين بأكمله دون استثناء أن يكون هذا التقرير الكبير بحجمه الثقيل بمخالفات أجهزة الحكومة دعاية انتخابية لبعض النواب، والذين سيخرجون علينا بتصريحات رنانة تنشر في الصحف وفي مواقع التواصل الاجتماعي يهددون ويتوعدون بطرح الثقة في الوزير الفلاني والعلاني، في حين أن واقع الأمر لا يمكنه فعل ذلك، خصوصاً أن هذا الدور هو الأخير لهم، وبالتالي لا نريد بهرجة إعلامية واستعراضات أمام عدسات الكاميرات وجعجعة فقط، لأنكم يا سعادة النواب اسمحوا لي أن أقولها لكم بأنكم جعلتم من أنفسكم أصواتاً تتعالى دون أية أفعال في طرح ثقة أو الاستمرار في استجواب وزير حتى النهاية، ولم تستطيعوا أن تستغلوا صلاحياتكم التي كفلتها لكم اللائحة الداخلية طوال أدوار الانعقاد السابقة؛ هل فقط مع صدور تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية نراكم تتحركون؟ ونصيحتي لكم أن تسكتوا وكما يقول إخواننا المصريون «عديها» للمرة العاشرة.في الحقيقة أن ديوان الرقابة المالية والإدارية يقوم بدوره على أكمل وجه في كشف العديد من التجاوزات والمخالفات التي يعاقب عليها القانون وتصل بأصحابها إلى المحاسبة والسجن أيضاً، إلا أننا نستغرب عدم التطبيق سواءً من مجلس الشعب أو السلطة التنفيذية من خلال إحالة أي مسؤول يثبت بحقه هذه التجاوزات، إذا ما قمنا بذلك فسوف نرى تقرير العام المقبل أقل بكثير من عدد الصفحات التي ما بقي إلا قليل منها لتصل إلى 800 صفحة، ولا ندري كم ستكون أوراق التقرير السنة المقبلة هل ستصل إلى 1000 ورقة أم سيتم تطبيق القانون على كل متجاوز ونصل إلى 100 ورقة؟!همسة..الجميع يترقب كيف سيتصرف النواب مع تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية؟ هل يا ترى سنشهد استعراضات أمام عدسات المصورين؟ هذا ما سنعرفه في الجلسة القادمة؟