تعلمنا من الآباء والأجداد أنه بالصبر تنال ما تريد، و»بالتقوى» يلين لك الحديد، وإن كان الشعب على تقوى الله في الأمور الشخصية، إلا أنني أشكك بدرجة الصبر قليلاً ببعض الأمور العامة الحياتية. فالتذمر والتأفف أصبح الصديق الصدوق للناس، الذي لا يفارقهم أبداً، وهذا الأمر حقيقة حتمية، والتي لا تتناقض مع الطبيعة البشرية، لأن الإنسان خلق من عجل، لذلك كان الوعد من الله رب البشر بالبشرى لمن حمد وصبر. والصبر لا يأتي فقط على مصائب الفرد الشخصية، أو ما يحدث مع قريب أو صديق أو حتى ما يمكن أن تتعرض له مدينة شقيقة عربية، باعتبار أننا أمة واحدة كالجسد الواحد، لا تهزمها حمى أو نزلة برد قوية، وإنما أيضاً على ما يعترضه من أمور حياتية يومية، ومهما كبر حجمها أو صغر من ناحية نظر الآخرين، إلا أنها تبقى مسألة نسبية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، توجد مشكلة أزلية مع هذه الأمة العربية التي دائماً ترى أعذاراً سطحية لمشكلة التأخير اليومية عن مواعيدها العملية، الطبية وحتى الاجتماعية، سواء كانت صباحية أو مسائية. والآن لاشك في أن الأغلبية وجدوا عذراً منطقياً ألا وهو العمل والأشغال في الشوارع الفرعية، وأنه لا يعقل بأن تتوقف الإشارة الضوئية المتواجدة على الشوارع الرئيسة بسبب هذه الأعمال اللانهائية!! والزحمة الخانقة في كل الاتجاهات المكانية، فمن وجهة نظرهم لابد من إيجاد عصى سحرية مهمتها أن تحل هذه الأزمات بلحظة آنية!! ولكن إذا قدرنا أن نرجع إلى الوراء بذاكرتنا الحية بضعة أشهر زمنية، عندما تدهورت حالة الناس وتحولت أيام ابتساماتهم إلى ليالٍ سوداوية واعترضنا على التحليل في التشخيص عندما أغلقت الأبواب المدرسية وأن العطل ليس من الأمطار الهنية وإنما يفترض أن يذكر أنه بسبب ضعف البنية التحتية. والآن فإن الشوارع في إعادة صيانتها وتأهيلها لكي تصبح منسجمة مع جميع الفصول السنوية، أليس من الواجب أن يكون لدينا قليل من الصبر إلى حين إنهاء هذه التصليحات اليومية؟! ومع الصبر نحن بحاجة إلى تنظيم وترتيب أولوياتنا، فالمسافة التي نستغرقها بداية للوصول إلى الوجهة المعنية يجب أن نضع في الاعتبار قبل الانطلاق أنها ستكون أكثر من المتوقع من الناحية الزمنية، فالمسألة كلها تعتمد علينا نحن وعلى خطة منطقية. وليس كما يعتبره البعض أن هذه التعديلات نوع من أنواع القصاص أو التعذيب النفسي. لا أحب أن أشير دائماً إلى ما يقوم به الناس في الدول الأوروبية، فمن العيب ضرب الأمثال بحضارة تصرفات الناس الأجنبية في كيفية التعامل في لحظات الطوارئ، وأنهم بدل التذمر يقدمون مساعداتهم الشخصية، غير أبهين لأي مردودات معنوية ،و مالية، يكفي سعادتهم الذاتية أنهم قدموا شيئاً بسيطاً لمدينتهم، حتى إن لم تكن حرة أبية وفي المقابل نحن أمة إسلامية تأصلت جذورنا بكل معالم التكافلية!! فكفانا من الكلام «اللي لا يودي ولا يجيب» بحسب كلام إخواننا المصريين، ولكن كلنا أمل أن يتم الحرص في بنود الصرف والتكاليف في الميزانية التي خصصت لتحسين البنى التحتية، حتى لا نقع بعدها بمطبات ممكن أن ترسلنا إلى الهاوية. وفي هذا يقول الشاعر:ترَدَّ رِدَاْءَ الصبرِ عندَ النوَائبِتنل من جميل الصبر حسن العواقبوَكنْ صاحبا للحلمِ في كلِّ مشهدفما الحلمُ إلا خير خدنٍ وصاحبوكن حافظاً عهد الصديق وراعياًتذق من كمال الحفظ سمو المشاربوَكنْ شاكراً لله في كلِّ نعمةيثيبكَ على النعمى جزيل المواهب