الطريقة التي روجت بها «المعارضة» للفعالية المرتقبة في 14 أغسطس، ولا تزال مستمرة في عملية الترويج لها، عبّرت عن «شطارة» وتميز، فهي من جهة زرعت في النفوس ما يجعلها تترقب حدوث شيء ما غير عادي في يوم محدد سيأتي قريباً، ومن جهة أخرى تمكنت من دفع البعض إلى ردود فعل سريعة وغاضبة اشتعلت بها الصحف والمجالس، ذلك أن مع الترقب يسهل التهويل ونشر المبالغات والإشاعات، بينما تساعد ردود الفعل غير المنضبطة والعفوية على نشر الفكرة بشكل مجاني، ما أدى إلى أن يترقب العالم كله ما سيحدث في يوم 14 أغسطس، والذي تم اختياره أيضاً بشكل لا يخلو من شطارة.. وخبث! فإذا أضيف إلى كل هذا المقارنة التي ستتم تلقائياً بين ما حققته حركة تمرد في مصر في أيام معدودات وأطاحت بحكم مرسي، وبين ما قد تحققه حركة تمرد (النسخة البحرينية) في اليوم الموعود؛ فإن الإقرار «بشطارة المعارضة» في هذه الحركة بات ضرورة.ولكن؛ ما قد لا يعرفه العالم هو أنه لم يعد بيد «المعارضة» في البحرين، سواء تلك المتمثلة في الجمعيات السياسية أو التي صارت تعرف بائتلاف فبراير، لم يعد بيدها ما يمكنها من كسب نقاط وتسجيل هدف في مرمى الدولة، ذلك أنها استهلكت كل ما لديها من أوراق وقدرات، وأنه لم يعد لديها سوى أداة واحدة هي التي تمكنت بها من تحقيق هذا النصر المعنوي، حيث صورت من خلال ما تمتلك من إعلام وإعلام خارجي مساند الفعالية المقرر لها يوم 14 أغسطس وكأن القيامة ستقوم في ذلك اليوم، وأنها ستفعل فيه ما لا يخطر على بال أحد.في حملتها المسنودة من مواقع إلكترونية في الداخل والخارج، ومن فضائيات منتشرة في العديد من الدول، اهتمت هذه الحركة بتصوير يوم 14 أغسطس بأنه (وااااااااو)، فقالت عنه أنه سيكون لحظة توازي 14 فبراير، وقالت إنها تتوعد به النظام، وأن ذلك اليوم سيكون لحظة الانفجار الجديدة، ووجهت خطابات كثيرة وبيانات تحيي بها «شعبها العظيم» لتفاعله عبر مختلف قواه مع حملة تمرد. كما اهتمت بوصف ما ستقوم به في ذلك اليوم وما تقوم به حالياً للترويج له وشحن العامة بأنه عمل ثوري وسياسي سلمي.هذا التصوير لذلك اليوم، وهذا الشحن والتحفيز، وهذا التوظيف للإعلام، ينبغي أن يقابله إقرار بـ «شطارة المعارضة»، لكن ينبغي أيضا الإقرار بأن ردود الفعل السريعة وغير المدروسة أعطت لمن يقف وراء هذه الحملة الفرصة كي يحفز العالم كله ويجعله ينتظر ذلك اليوم ليرى ما ستقوم به «المعارضة». إن كل ما قد يحدث في يوم 14 أغسطس هو قطع واختطاف بعض الشوارع وإشعال النار في إطارات السيارات وتعطيل حياة الناس على أمل أن يتضايق المواطنون والمقيمون فينتقدون الحكومة، ويقولون إنها غير قادرة على حسم هذا الأمر ومنع ممارسة هذا السلوك.أبداً لن يحدث شيء غير هذا، قطع بعض الطرق وإشعال النار في إطارات السيارات وتسيير بعض التظاهرات غير المرخصة، والتي سيتعامل معها الأمن بما هو متاح من قوانين، إضافة إلى نشر أخبار المصادمات عبر الفضائيات المساندة بطريقة مبالغ فيها، وتوجيه الشتائم والسباب للحكومة ولمن «يتشدد» لها، وشحن العامة ودفعهم إلى المواجهات مع رجال الأمن بعد أن يعدونهم بأن من يسقط منهم قتيلاً سيطلق عليه لقب «شهيد». لن يحدث في يوم 14 أغسطس أكثر مما حدث في العامين ونيف اللذين مرا على البحرين، أبداً لن يحدث ما قد يشكل علامة فارقة، ولن يحدث ما قد يعتبر جديداً لأنه ببساطة.. لا يوجد ما هو جديد!
Opinion
شطارة «المعارضة»!
14 يوليو 2013