من الرابح في حالة الخليج بدون الأمريكان؟ هل فعلاً واشنطن؟ أم طهران؟ أم دول الاتحاد الأوروبي؟ أم دول مجلس التعاون الخليجي نفسها؟تحدثنا عن كافة الأطراف في حالة الخليج بدون الأمريكان، ولكننا لم نتحدث كثيراً عن دور الاتحاد الأوروبي في هذه المسألة، خاصة وأن للدول الأوروبية مصالح استراتيجية في المنطقة، وهناك تواجد عسكري لها، في ظل مساعي بعضها بإقامة تحالفات اقتصادية وعسكرية وأمنية مع دول المنطقة. تلوح الفرص بشكل كبير أمام الاتحاد الأوروبي في المنطقة عندما يتراجع نفوذ الأمريكان في الخليج العربي، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي يشكل بديلاً استراتيجياً لدول مجلس التعاون الخليجي، ومن الممكن أن يعود بالوضع إلى حالة التوازن بعد أن ظلت السياسة الخارجية الأوروبية تهيمن عليها السياسة الخارجية الأمريكية. أمام الدول الأوروبية فرص استثمارية ضخمة من دول مجلس التعاون الخليجي من الممكن أن تساهم في معالجة المشاكل الاقتصادية المؤرقة التي تواجهها دول القارة العجوز. وأمامها أيضاً فرص لتطوير علاقاتها العسكرية على صعيد صفقات الأسلحة العسكرية التي تحتاجها دول مجلس التعاون، أو على صعيد الحصول على تسهيلات عسكرية في المنطقة لحماية مصالحها الاستراتيجية من النفط وحلفائها الإقليميين. كذلك تحتاج دول الخليج للمزيد من الطائرات التجارية، وخيار الحصول على أفضليات لدى شركة الإيرباص الأوروبية قد يكون خياراً استراتيجياً بدلاً من الدخول في مفاوضات المنافسة مع نظيرتها الأمريكية بوينغ. يبقى التحدي في حالة الخليج بدون الأمريكان هو موقف حلف شمال الأطلسي الذي يضم المنظومة الأوروبية مع الولايات المتحدة، فإذا كان هناك طرف يسعى للحد من نفوذه طوعاً أو قسراً من منطقة الخليج العربي كواشنطن، فإن الطرف الآخر وهو الدول الأوروبية المنضوية في الحلف العسكري لديها موقف نقيض، وقد تكون هذه القضية موضع خلاف بين الطرفين، أو قد تستغل واشنطن الدول الأوروبية للقيام بدورها في الخليج العربي بكلفة أقل بكثير من تحملها المسؤولية بنفسها. نهاية السلسلة ما كتبته طوال عشر حلقات متواصلة، مجرد تصور نظري لما يمكن أن تكون عليه الأوضاع في منطقة الخليج العربي في حال قررت واشنطن الحد من نفوذها في المنطقة، أو قررت دول مجلس التعاون الخليجي الحد من علاقاتها مع الولايات المتحدة. وأعتقد أنه تصور مهم يتطلب دراسة شاملة حول مستقبل المنطقة ترقباً لهذه الحالة المحتملة، فليس مقبولاً الانتظار حتى تحدث وبعدها يتم تحديد طريقة التعامل، فكافة السيناريوهات متاحة ومتوقعة من الأفضل إلى الأسوأ. وما تحتاجه دول المنظومة الخليجية رؤية مشتركة لتحديد مستقبل العلاقات الخليجية - الأمريكية، وتحديد البدائل المتاحة، والأهم من ذلك أن تكون رؤية تخدم المصالح الاستراتيجية الخليجية وليس مصالح القوى الأخرى.