أكدت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن الوثائق التي سربها الموظف السابق في المخابرات الأمريكية، إدوارد سنودن، تقول بأن عمليات التنصت التي قامت بها الأجهزة الخاصة الأمريكية طالت ما لا يقل عن 38 من السفارات والممثليات الدبلوماسية لمختلف الدول في نيويورك وواشنطن، وأفاد موقع الصحيفة بأن الوثائق التي تم إعدادها تشير إلى التنصت على ممثلية الاتحاد الأوروبي في نيويورك وسفارة الاتحاد الأوروبي في واشنطن، إضافة إلى سفارات فرنسا وإيطاليا واليونان وبعض حلفاء أمريكا من الدول غير الأوروبية مثل تركيا والمكسيك واليابان وكوريا الجنوبية والهند.لم ينتهِ الأمر إلى هذا الحد؛ بل استدعت فرنسا قبل أيام السفير الأمريكي للاحتجاج على مزاعم نشرتها صحيفة «لوموند» عن عمليات تجسس على مواطنين فرنسيين على نطاق واسع قامت بها وكالة الأمن القومي الأمريكي، وتحدث تقرير الصحيفة، أن الوكالة جمعت عشرات الآلاف من سجلات المكالمات الهاتفية الفرنسية، وهو ما يهدد بأن يتحول الأمر إلى خلاف دبلوماسي.وكان وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس صرح في وقت سابق بأن ما كشفته الصحيفة عن أن وكالة الأمن القومي الأمريكي سجلت 70.3 مليون بيان للهواتف الفرنسية بين العاشر من ديسمبر 2012 والثامن من يناير 2013 يعتبر أمراً صادماً.هذا وكشفت الوثائق التي حصل عليها الموظف السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إدوارد سنودن، أن وكالة الأمن القومي الأمريكية وضعت ما يجري في مقر الأمم المتحدة بنيويورك تحت مراقبتها، منتهكة الاتفاق بين الولايات المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة. هذا وأدان الاتحاد الأوروبي وروسيا وحلفاء أمريكا هذا التصرف غير الموزون والصبياني من طرف واشنطن، لأنه ينم على عدم ثقة البيت الأبيض بحلفائه قبل أعدائه، ولربما توضح لنا بقية الأيام ما يحمله هذا الملف من صفعات جديدة لأوباما وهو يترنح تحت فشل سياسته في الشرق الأوسط، وتحت ضربات انهيار الاقتصاد الأمريكي القومي وتعطل إقرار الميزانية الجديد وارتفاع الدَّين العام. إن الدولة التي لا تثق بأعز أصدقائها وبكل حلفائها هل يمكن لها أن تثق بنا؟ هل يمكن لهذه الدولة المتغطرسة أن تضحي في سبيل نشر الديمقراطية لدول تبعد عنها عشرات الآلاف من الأميال هكذا قربة إلى الله تعالى؟ أم أنها اللعبة الأمريكية المكشوفة عبر كل مراحل جدها ومزاحها حين تطالب العرب بتثبيت الديمقراطية وتحذرهم من الاستبداد؟نعم؛ نحن نعترف كعرب بأننا لا نسير في غالب الأحيان على خطى الديمقراطية الحقيقية أو ندعي زوراً بأننا قبضنا على كامل حريتنا واستقلالنا، لكن في المقابل لا يمكننا أن نثق بدولة أسقطت عن عوراتها آخر ورقة توت حين قامت بالتجسس على حلفائها وشركائها في المصالح والغنائم، ولا يمكن لنا أن نصدق دعواتها الجميلة والبراقة بإحياء الديمقراطية في الشرق الأوسط، وهي التي مارست أبشع أنواع التسلط الغبي ضد حلفائها.على العرب، أنظمة وشعوباً، أن يتجردوا من عواطفهم قليلاً، ليعرفوا أن كل فرد منهم ربما يخضع للتجسس أو المراقبة من قبل واشنطن، فإذا لم ينجُ من أصدقائها أحد فهل سيفوز بودها الأعداء؟ فلكم الله أيها العرب، وكفاكم نوماً في الحضن الأمريكي.