تطرقنا في المقال السابق عن ظاهــرة الاتجار بالبشر في البحرين بالطريقة غير المشروعة، وتحدثنا عن ظاهرة «فري فيزا»، وكذلك تحدثنا عن المتنفذين الذين يستخرجون رخص عمل غير قانونية للأجانب، ليمارسوا معهم دور السخرة في بلد له قوانينه وأحكامه وقيمه.حين تطرقنا لهذا الموضوع، أبدى كثير من المواطنين تفاعلهم الكبير مع هذا الملف الإنساني والوطني، وبدؤوا يفتشون عن الأسباب والمسببات لهذا الأمر، ومن ثم قاموا يتساءلون عن الجهة المسؤولة في تفشي ظاهرة العمالة السائبة ومن يقف خلفهم.لا تقولون لي إن السبب الرئيس في هذا الأمر هو المتنفذ فقط، أو إن ضعف القانون هو السبب الرئيس لهذه الفاجعة، أو أن نلقي باللوم على الناس، ربما تكون لهذه الأسباب المذكورة وجاهتها وتتحمل أطرافها بعض من المسؤولية تجاه تكاثر العمالة الأجنبية السائبة، لكن السبب الحقيقي وغير المعلن وراء كل هذه المسألة، هي وزارة العمل، بل وزير العمل نفسه، فهو الشخص الأول الذي تقع على عاتقه مسؤولية هذا الملف المشين، والذي لم يظل صغير ولا كبير في البحرين إلا وضاق بهم الأمر ذرعاً بسبب انتشار وتكدس العمالة السائبة في كل مناطقهم.أصابع الاتهام التي صدرت من الشارع، كلها أشارت مباشرة إلى الوزير بعد قراءتها مقالي السابق، وهذه بعض ردود أفعال الشارع، والتي تعتبر استفتاء حقيقياً حول من هو المسؤول عن هذه الظاهرة الخطيرة. يقول أحدهم «نعم هناك جيش من العمالة السائبة التي تعمل في كل شيء؛ سواء في البيع أو الشراء أو غسيل السيارات وكلهم فري فيزا. إن المسؤول الأول هنا، هي وزارة العمل وقوانينها الضعيفة والتي بسببها تشكلت لدينا مافيا التأشيرات، والتي تتاجر في التأشيرات بسبب سهولة استخراج التأشيرة ومن ثم المتاجرة فيها، ووزارة العمل تعلم بهذا الأمر جيداً ولكن لا تحرك ساكناً ولا تسكن متحركاً، وهي تغط في نوم عميق؛ بل قل في غيبوبة سريرية، فالظاهرة بحاجة إلى علاج جذري عميق، أما هؤلاء الأجانب فلقد أفسدوا كل شيء في الوطن، حتى سيطروا على مفاصل التجارة ومفاصل الحياة وذلك بسبب جشع الهوامير والحيتان المهيمنة على الوضع»، وآخر قال «أكيد أكثر التأشيرات باسم وزير العمل علشان جذي موب مهتم هالوزير بالموضوع» وهناك من أشار بوضوح أن «المسؤول الأول عن هذه الظاهرة هو وزير العمل وليس شخصاً آخر»، وهناك من ذهب في الاتهامات إلى أبعد من كل ذلك!.في كل الأعراف العالمية، يظل الوزير هو المسؤول الأول عن كل تقصير يفضي إلى ضرر سيئ جداً، بل في أوروبا يعتبر الوزير هو المسؤول الأول عن أي ضرر بغض النظر عن حجمه ونوعه، ولو ما يجري عندنا من فوضى التأشيرات يجري في دولة أوروبية، لقامت القيامة ولم تقعد، بل لو كانت هناك عشر رخص عمل مزورة بذات الطريقة التي لدينا لاستقالت الحكومة وليس الوزير، أما في البحرين، فإن وزارة العمل وبخصوص هذا الموضوع الخطير جداً، فكأن الأمر لا يعنيها على الإطلاق.على وزير العمل أن يقوم أولاً بالاعتراف بهذا التقصير ومن ثم تصحيحه بأسرع وقت ممكن، ومن ثم ينظف وزارته من كل موظف يعمل في هذا الشأن ولا يحرك ساكناً ولا يصحح وضعاً ولا يخالف هاموراً، أو في أن يكون متواطئاً أصلاً مع جهات تتاجر بالرّخص، أما القوانين الخاصة بالعمالة الأجنبية وكيفية دخول أي أجنبي إلى البحرين فإنها تحتاج لإعادة نظر بالكامل.حين نتحدث عن تطبيق القانون؛ فإننا نطالب بتطبيقه على كل مواطن في هذا الوطن، فإذا لم يستطع الوزير أن يفعل كل ذلك، فعليه أن يستقيل، فخطورة المسألة التي نتحدث عنهــا أهم بكثير من مجاملات نطلقها في مجلس أو في بيان وزاري صحافي بارد، فالعمالة الأجنبية اليوم، هي مسألة حياة أو موت، وهي من أبرز الملفات الوطنية التي تحتاج إلى علاج بطريقة شاملة وصحيحة، وليس بالترقيــع والتلميع ودهان «السير»، ولك الخيار يا سعادة الوزير، لأن الكرة واللاعبين والمتفرجين في ملعبك.
Opinion
وزير العمل أنت المسؤول
03 أكتوبر 2013