قبل التعريج على ما أنا بصدده اليوم؛ أعود قليلاً في تنويه صغير يحاكي مقالات كتبت بعد صدور تقرير ديوان الرقابة المالية (وهذي حالتنا كل سنة نكتب عن التقرير ولا يحدث شيء، وابن عمك أصمخ) خلال نشري لهذه المقالات قرأت خبراً بصدور حكم قضائي على بحريني سرق 100 دينار بالإكراه، وقد حكم عليه بالسجن 5 خمس سنوات (والحكم جيد)، لكن صدوره مع صدور تقرير ديوان الرقابة جعلنا نقارب، وجعلنا نقارن، وجعلنا نقول ما حكم من سرق (في الوزارات والشركات) أموالاً بالإكراه من شعب بأكمله؟سؤال ألح علينا مع صدور الحكم السابق على من سرق 100 دينار بالإكراه..!أذهب الآن إلى ما أنا بصدده اليوم، فقد وقفت أكباراً أمس لقرار شجاع ووطني وسيادي من قاضٍ بحريني تجاه ممثلة السفارة الأمريكية التي تحضر جلسات محاكمة نبيل رجب.للمرة الأولى نشعر أن هناك من يتخذ قراراً سيادياً بحرينياً (حتى ونحن دولة صغيرة) إلا أننا يجب أن نتعامل مع كافة الدول معاملة الند، ومعاملة المثل، فلا ينبغي أن نترك بلدنا يلعب بها ممثلو السفارات مهما بلغت علاقات الصداقة والشراكة.لن يحترمنا الغير، ما لم نفرض احترامنا عليه، وهذا ما نتمناه أن يحدث، رغم أننا تأخرنا كثيراً في اتخاذ قرارات سيادية بحرينية، نحترم كافة السفراء، لكن لن نحترم أحداً يتدخل في شؤون بلدنا ويخالف اتفاقيات ومعاهدات جنيف للعمل الدبلوماسي.لو أن جمهورية الصين حكمت على أحد الخارجين على القانون (وأمريكا تسميه ناشطاً حقوقياً) هل ستتدخل السفارة الأمريكية في الصين، وترسل ممثلاً عن السفارة لحضور جلسات المحاكمة؟هل تستطيع أمريكا فعل ذلك؟لا تستطيع، وإن فكرت ستردعها الصين بقوة، فلماذا نقبل نحن هنا بتدخل ممثلي السفارات في المحاكمات، أو في شؤون أخرى، مثل السجون وغيرها؟ألسنا دولة ذات سيادة، هل تقبل أمريكا أن تتدخل دولة في المحاكمات التي تجرى في أمريكا؟بالمقابل، ألا يفترض اليوم من بعد الموقف الشجاع لهذا القاضي المحترم أن تقوم وزارة العدل عن طريق وزارة الخارجية بالتعميم على كافة السفارات في البحرين وتحذرهم من إرسال ممثليهم لحضور المحاكمات، وإن هذا الأمر غير مقبول بتاتاً، حتى لا يتكرر ما حدث ويحدث.يكفي السفارة الأمريكية بالبحرين ما تقوم به من أدوار، فلا تشغل نفسها بالقضاء البحريني. الذي نعرفه أن السفارة لديها أمور أكثر أهمية تريد أن تعمل عليها لتدعم أناساً بعينهم، أو تدربهم، أو تعطيهم دورات ودروساً، فلا ينبغي لها الانشغال بالقضاء البحريني، ولا نقبل التدخل فيه حتى بالحضور من جهات ليست ذات اختصاص.تهاون الدولة في الكثير من الأمور أوصلنا إلى مرحلة أصبح (القريب والغريب) يتدخل في شؤوننا، وأن ندخل القريب من أجل البحرين وأهلها وحكامها، فأهلاً وسهلاً، وإن تدخل الغريب في ما لا يعنيه فإن على الدولة أن تعطي دروساً واضحة وصريحة في هذا الأمر يجعل القاصي والداني يعرف أن لا مجال للتدخل في الشؤون البحرينية الداخلية، على الدولة أن تتعامل بالند مع الدول الكبرى قبل غيرها.
Opinion
عشنا دهراً ننتظر هذا الموقف..!!
04 ديسمبر 2013