من الأخبار الطريفة التي تم تداولها أخيراً أن السلطات الهولندية تعتزم أن تتقاضى من كل سجين 16 يورو «نحو 8 دنانير» مقابل كل ليلة يقيم فيها في السجن، وذلك للمساهمة في نفقات توقيفهم بحسب ما أعلنت وزارة العدل الهولندية. فقد قال متحدث باسمها إن «مسؤولين في الوزارة باتوا يعتبرون أنه ينبغي على السجناء أن يساهموا جزئياً في مصاريف احتجازهم». وبحسب هذا القرار سيتعين على كل سجين وعلى أهل القاصرين الموقوفين في مراكز الأحداث أن يدفعوا 16 يورو عن كل ليلة يقضيها السجين وراء القضبان، لمدة عامين كحد أقصى. وأضاف المتحدث أن السلطات تنفق 250 يورو يومياً على كل سجين. وفي حال أقر هذا المشروع في البرلمان الهولندي فإنه سيدخل حيز التنفيذ في يناير 2015، لكنه يلقى معارضة من المنظمات المعنية بحقوق السجناء. يضيف الخبر أنه «يقدر عدد السجناء في هولندا بنحو 12 ألف سجين».في خبر آخر عن الموضوع نفسه جاء أن هولندا تدرس فرض «غرامة» على السجناء نظير عمليات التحري التي أجرتها الشرطة في الجرائم التي قاموا بارتكابها ومصروفات محاكماتهم. الخبر مثير، وهو يوفر على الفور ردود فعل تتمثل في موقفين متناقضين، الأول يؤيد هذا القرار ويتمنى مؤيدوه لو يتم تطبيقه هنا ليكون أداة ردع باعتبار أن «البيزة تحر»، والثاني يعارضه ويعتبره تعدياً على الحقوق وظلماً باعتبار أن تواجد السجين في السجن لا يكون برغبته. لا أعرف كم تنفق وزارة الداخلية على كل سجين يومياً، ولكن مجموعه في النهاية يشكل رقماً لا يستهان به، ما يدفع مؤيدي الفكرة الهولندية إلى المطالبة بتطبيقها في البحرين، بهدف تقليل نفقات الداخلية، والتأسيس لثقافة جديدة ملخصها أن الجريمة لا تنتهي بدخول السجن ومن ثم العيش على ظهر الدولة. شخصياً أتحمس للعقوبات المالية التي أعتبرها رادعاً مهماً وفاعلاً، وأدعو إلى إيجاد صيغة تتيح لمن هم دون الثامنة عشرة شراء مدد محكومياتهم على أن يخضعوا لبرامج تأهيل مكثفة خارج السجن يدفعون عنها رسوماً أيضاً. ذلك أن من سيدفع عنهم هم أولياء أمورهم الذين لن يقبلوا أن «ينصموا» مرة أخرى فيلتفتون إلى عيالهم ويحرصون على عدم تورطهم في سلوكيات تودي بهم إلى السجن من جديد. صحيفة «الرياض» السعودية نشرت قبل نحو 3 سنوات تحقيقاً صحافياً طرحت من خلاله سؤالاً عن تأييد أو رفض العقوبات المالية في قضايا الحق العام، التحقيق احتوى معلومات مهمة ووجهات نظر مختلفة ذهب أغلبها إلى تأييد الأحكام البديلة عن السجن الذي تؤكد الدراسات والإحصاءات أن ما لا يقل عن 30% من نزلائه يعودون إليه بعد خروجهم منه، ما يؤكد أن عقوبة السجن ليست مجدية دائماً.في التحقيق الصحافي المشار إليه أيد أغلب المشاركين العقوبات المالية واقترح بعضهم عقوبات بديلة تتمثل في خدمة المجتمع، كما تمت الإشارة فيه إلى الدراسة المهمة التي أجراها الدكتور عبدالله اليوسف «وكيل وزارة للشؤون الاجتماعية» أستاذ علم الاجتماع والجريمة والتي توصلت إلى أن الغرامة مقابل عدم دخول السجن هي أفضل البدائل المحددة لعقوبات السجن يأتي بعدها بديل العمل لمصلحة المجتمع، أما أقل البدائل تفضيلاً فكان بديل الحبس المنزلي بسبب أن أثر جرم السجين يمتد إلى أسرته ويربك حياتهم جميعاً.لعل البعض يؤيد البدائل المشار إليها وغيرها في ما يخص المدانين ممن هم دون الثامنة عشرة من المتورطين في قضايا عادية أو جرائم السرقة والاعتداء، لكنهم لا يؤيدونها للمتورطين في قضايا التخريب. أحترم هذا الرأي طبعاً ولكني مع تطبيقه على الجميع خصوصاً بعدما تبين أن السجن بالنسبة للمتورطين في أعمال التخريب يشكل فرصة لخلق «الأبطال».