قرأت أمس خبراً طريفاً يقول: «إن شاباً أمريكياً يملك مطعماً في بروكلين يجبر زبائنه على عشاء صامت في بعض الأمسيات، وقد لاقت فكرته قبولاً واسعاً في المدينة التي يصل فيها مستوى الضجيج في المطاعم إلى حد المعاناة أحياناً».قلت في نفسي، وأنا أقرأ الخبر، لو أن هذا المطعم في البحرين أو في دولة عربية لأغلق أبوابه، فلا يستطيع الناس هنا الصمت أثناء الجلوس للطعام، بل إن العشاء يتخذ فرصة للحديث، فإذا كان لديك حديث خاص تخرج إلى العشاء مع من تريد.لكني في ذات الوقت قلت إننا في البحرين بحاجة إلى خبرة هذا الشاب ليفرض الصمت على كل من يقول كلاماً يزعج أهل البحرين، أو يجرح البحرين، أو يطعن فيها، نحتاج إلى أن يجعلهم يصمتون، فإما أن يقولوا خيراً وإما أن يصمتوا، ويريحوا أهل البحرين من سماع ما يزعجهم.وقديماً كنا نسمع من آبائنا هذا المثل «جرح الجسد يبرى وجرح الكلام ما يبرى»، وأيضاً يقال دائماً إن بداية الحرب كلام، فالكلام واللسان إما أن يقودا صاحبهما إلى الخير أو إلى الشر، وهل هناك شر أكثر من الحروب التي تبدأ بالكلام..؟هناك من تتمنى ألا تسمع صوته أو حديثه، وهناك من تتمنى لو أن حديثه لا ينتهي، أو كلما سمعت حديثه تشعر أن هناك رجالاً في التاريخ لا تتكرر في الكريزما وفي ملكة الارتجال في الحديث.بالأمس تشرفنا بالسلام وبلقاء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان، حفظه الله ورعاه، وكان حديثه كما هو دائماً خليفة بن سلمان لا تتمنى أن ينتهي، فيه من الحكمة والخبرة والوطنية وملامسة إحساس الناس، ما يجعلك تدعو لهذا الرجل بالصحة والعافية وطول العمر، وأن يحفظه للبحرين وأهلها.في كل حديث الرئيس خليفة بن سلمان دائماً ما يؤكد ويقول إننا نسير تحت راية جلالة الملك حفظه الله ورعاه، ونسير بحكمته والبحرين بخير تحت قيادة جلالة الملك بإذن الله ولا خوف عليها.استوقفتني نقاط كثيرة في حديث سموه، وكنت أقول إنني أتمنى ألا أنساها وأنا أهم بكتابة العمود، فقد قال أمس: «إن حكومة البحرين دائماً ما تلامس مشاكل وهموم الناس، وأن سموه يطلع على الصحافة في بداية يومه ويقرأ ويطلع على الكثير لمعرفة ماذا يجري من أمور، وقال سموه إنه قال للوزراء في جلسة مجلس الوزراء أمس الأول لماذا لا تسير الأمور كما يجب، لماذا تتحركون إلا حين نوجهكم؟».لم يفت على سموه الثناء والإشادة بالموقف السعودي من البحرين، وموقف السعودية الأخير من رفض مقعد مجلس الأمن، وقال إن السعودية تتخذ مواقف مشرفة وقوية نابعة من مسؤوليتها على المستوى العربي والقومي، وقال علينا جميعاً أن ندعم السعودية وأن نقف إلى جانبها.كما لم يفت على سموه الحديث عما تتعرض له البحرين من استهداف من الخارج، مع فئة خائنة بالداخل، وقال «لكن من المستحيل أن يؤثر هؤلاء على وحدتنا وتكاتفنا، بل سنقف لهم بالمرصاد».في محور آخر تحدث عن تنفيذ توصيات مجلس النواب التي أقرها جلالة الملك حفظه الله، إذ قال سموه: «اليوم وصلتنا من مجلس النواب بعض الأمور التي تتعلق بالتوصيات، ونحن نسير في تطبيقها، ولن نتوانى عن ذلك، صحيح نحن نسير ببطء لكننا نسير نحو الهدف وبإذن الله سنصل».سموه تحدث أمس بكثير من الحب والود والصدق مع رجال من قرى دار كليب وشهركان والمالكية حضروا إلى مجلسه، وقال إن هؤلاء نموذج لأبناء البحرين المخلصين، وأنهم كانوا يعملون مع والد سموه رحمه الله ولم يتغيروا ولم يتغير أبناؤهم، وأنه يفرح كثيراً بالحديث معهم، وقد أخذ سموه وقتاً طويلاً معهم يتبادل الأحاديث الطيبة، وقال لهم «أنا أفرح كثيراً لما أشوفكم».في حديث سموه عبر وإشارات وتلميحات، حين تخرج من المجلس تقول ما شاء الله تبارك الرحمن على سموه يوجه رسائل في حديثه تنم عن فطنة وذكاء كبيرين، حفظ الله سموه للبحرين وأهلها.لا يمكن لمن حضروا المجلس إلا أن يتوقفوا عند كلمة قوية قالها خليفة بن سلمان أمس، ويعني بها من يحيكون المؤامرات للبحرين، حين قال: «نحن لهم بالمرصاد» وهذا كلام الرجال الكبار وهذا ما يريد سماعه أهل البحرين.