دائماً أقول بأن هناك فارقاً كبيراً بين ما يصدر عن الأشخاص الذين يحبون الوطن ومقابلهم الأشخاص الذين يكرهون الوطن ويتحينون كل فرصة للنيل منه.هناك فارق كبير من يبني ويحاول أن يساهم في البناء ويسعى للتصحيح، وبين من همه الأول وشغله الشاغل التدمير والهدم و»يطرب» حينما توجد إخفاقات وتراجعات في أي شيء.حينما أنشأ جلالة الملك حفظه الله ديوان الرقابة المالية والإدارية استبشرنا خيراً، أدركنا بأن التقارير ستتضمن مصائب وكوارث متعلقة بالأخطاء الإدارية والتجاوزات في هدر المال العام، أدركنا تماماً بأن مضمون التقرير بإمكانه أن يشوه صورة مسؤولين وقطاعات ويبرز كيف أن بعضهم لا يقومون بواجبهم تجاه هذا الوطن ولا يمكنهم أن يتحملوا المسؤولية، وأدركنا أيضاً في نفس الوقت أن هناك من سيستغل التقارير لتحقيق «غاية في نفس يعقوب» باستخدامه لتشويه صورة البحرين.قبل التقرير كانت عودة الحياة النيابية وكان البرلمان الذي كان ينادون به باعتباره «الحل»، لكن أداء بعضهم كشف بأن وجود البرلمان «حل» لهم لتمرير أجندات سياسية وتحقيق مطامع فئوية، بدليل أن قضايا الناس وهمومهم المعيشية والتي يفترض أنها أولوية كانت في آخر سلم الاهتمامات بل تم التركيز على ملفات سياسية وسعي حثيث لتعديل القوانين وتطويعها لتسهل عمليات أخرى على رأسها حماية ممارسي الإرهاب وتخفيف العقوبات عليهم، إضافة لمنح مساحة بالقانون للوصول إلى إباحة الإساءة للدولة والتطاول على قيادتها.خذوا على سبيل المثال، ملف أملاك الدولة والذي نتفق جميعاً بأنه يتضمن معلومات تكشف وجود ممارسات خاطئة تحتاج لمحاسبة وتقويم وتصحيح، لكن هنا الفارق الذي أعنيه، حينما يأخذ أشخاص التقرير ليعملوا على إصلاح الخلل وينادون بتصحيح الأخطاء، في حين يأخذ أشخاص آخرون التقرير ليمارسوا به ابتزازاً للدولة وقطاعاتها ليمرروا أموراً خاصة بهم وبجماعتهم تخدم أجندة سياسية.أداة الاستجواب استخدمت من قبل فئات معروفة كوسائل ضغط، مررت قوائم ليتم توظيفها في أماكن حساسة، تم التلويح بالاستجواب حتى يستجيب بعض المسؤولين لرغبات هؤلاء، وللأسف هناك من بمستوى الضعف الذي كان يقبل بأن يتحول إلى رهينة للابتزاز. اليوم وحينما ننتقد الأخطاء ونطالب بمحاسبة المخطئين والمتجاوزين ونطالب بالإصلاح، تبرز نفس الوجوه المبغضة لهذا الوطن لتقول مخاطبة الناس الذين ينتقدون الأخطاء: ألم نقل لكم؟! لهذه الأسباب خرجنا لنتظاهر (التصحيح لإسقاط النظام)، ولهذه الأسباب يجب أن تقفوا معنا ضد من خذلكم (أي الدولة).هنا الخطأ حينما يسقط كثير من المخلصين والمحبين للوطن في هذا «الفخ» الذي ينصبه من جاهر بالعداء للبحرين وحاربها بوجه مكشوف ومازال يمارس سياسة التشويه والكذب.الفارق كبير جداً يا جماعة بين من ينتقد حباً في الوطن ورغبة بأن يراه أفضل بلد، وسعياً لأن يستبدل الفساد بالإصلاح والتصحيح، وبين من ينتقد كرهاً وبغضاً للوطن رغبة منه في هدم المزيد من أجزاء هذا الوطن، وسعياً للاستمرار في مساعيه لاختطافه.لم يحجر حمد بن عيسى أو خليفة بن سلمان أو سلمان بن حمد على الناس الانتقاد، لم يقيدوا حريات التعبير عن الرأي، بل إن كان كذلك فلماذا يوجه الملك بعودة الحياة النيابية؟! لماذا ينشئ ديواناً للرقابة المالية؟! لماذا يقول رئيس الوزراء انتقدوا خليفة بن سلمان لكن لا تسيؤوا للوطن؟! لماذا يتمسك ولي العهد بأدبيات الإصلاح والتصحيح؟!لم يقل أحد للناس لا تنتقدوا الأخطاء لأن الانتقاد يشوه صورة البلد ويسيء لقادتها. لم يقل أحد للناس بأن انتقاداتكم للفساد والتجاوزات يعني «خيانة» للوطن وإساءة لرموزه؟! يقولها من يريد أن يؤلب الناس على الوطن ونظامه وقادته، يقولها من يظن خاطئاً بأن المواطنة الصحيحة والإخلاص والانتماء يعني ألا تنتقد الأخطاء وأن تقول دائماً بأن «الأمور طيبة»، ويقولها أيضاً من يريد ضرب الوطن ويسعده أن يؤثر كذباً على المخلصين ليحرفهم تجاه رغباته وهتافاته.نحب البحرين وأرضها، انتماؤنا لها أقوى من أي شيء آخر، نجاهد ونقاتل من أجل تصحيح الأخطاء، لكن في نفس الوقت نقف موقف الدفاع عنها ضد أي طامع وحاقد وكاره يتلون في الكلام ويحاول أن يستغفل الناس بكلام «حق» يراد به «باطل».
Opinion
الفارق.. بين انتقاد «المخلصين» وانتقاد «الكارهين»!
14 ديسمبر 2013