الجديد الذي تفتق عنه عقل ما يسمى بـ «ائتلاف فبراير» بدأ التسويق له قبل أيام من احتفال المملكة بالعيد الوطني المجيد، هذه المرة من بطولة قرية النويدرات، حيث طرحت مشروع «البراءة من علم البحرين»، الذي وصفته بأنه علم «احتلال». فقد انتشر في اليومين الماضيين فيلم فيديو قصير يتضمن عبارات مكتوبة بخط كبير ملخصها أن لوني علم البحرين الأبيض والأحمر ما هما إلا رمز للخضوع للاستعمار البريطاني، وأن «ثوار النويدرات» الذين هداهم تفكيرهم لهذا الاستنتاج يدعون إلى البراءة من هذا العلم وعدم رفعه في المسيرات واستبداله بعلم سيأتي تفصيله بعد قليل. الفيلم يبين شاباً ملثماً يرتدي ملابس سوداء وقد ربط رأسه بعصابة كتب عليها «يا حسين» يسير حاملاً علم البحرين، ثم بعد عرض الكتابات الكثيرة التي تنتقد العلم وألوانه يقوم الشاب برمي العلم في مستنقع ماء لـ «التبرؤ» منه ثم يقوم بالدوس عليه بحذائه ومن ثم الركض باتجاه امرأة لا يظهر وجهها ترتدي عباءة سوداء وبيدها نسخة من القرآن الكريم. الشاب يتسلم القرآن منها ويقبله على طريقة جنود حزب الله اللبناني ويعيده إليها ويتسلم من ثم العلم الجديد الذي يركض به. اللقطات التالية تظهر العلم مرفوعاً بيد بعض المشاركين في المواجهات الحقيقية مع رجال الأمن.العلم الجديد (الذي دعوا إلى اعتماده كعلم لـ «الثورة» وليس لـ «جمهورية البحرين» المرتقبة والذي سيكون مختلفاً عن علم المملكة) لونه أسود مكتوب في وسطه بخط كبير وبلون أصفر كلمة «يا حسين». هذا العلم صار الناس يرونه مرفوعاً في المسيرات والمواجهات، ما يعني أن الفيلم مجرد إعلان لتأكيد المسألة وليس للدعوة إلى اعتماد العلم.هذا المنحى الطائفي البشع الذي يروج له «ثوار النويدرات» بدعوتهم لاعتماد علم أسود مكتوب عليه عبارة «يا حسين» يؤكد أن ما تم من فبراير 2011 إلى اليوم لم يكن «ثورة شعبية» وإنما «ثورة مذهبية» جاءت في سياق مخطط يبدو الآن واضح المعالم، أي أن ما دار ويدور ليس حراكاً ينشد الإصلاح وتوسيع مساحة الحريات وإنما للسيطرة على الحكم ونزع العلم الذي هو رمز الدولة واستبداله بآخر قد نفاجأ بظهوره في أي لحظة، كما فوجئنا بالعلم الأسود المطعم بلون علم حزب الله!كلام غير مقبول أبداً وتصرف يعبر عن ضيق أفق و«لا ذكاء» سياسي يستدعي الوقوف في وجهه، لا من الحكومة التي عليها أن تتعامل معهم بالقانون ومحاكمتهم لإهانتهم رمز الدولة فقط؛ لكن أيضاً من الجمعيات السياسية التي ترفع شعارات السلمية وعلم البحرين في فعالياتها. هنا لا يكفي أن تقول هذه الجمعيات إنها لا تقبل بهذا الأمر أو ترفضه أو أنه «ما يجوز.. أحبتي»، إنما أن تمنع رفع العلم الأسود في فعالياتها وتمنع المحسوبين عليها من المشاركة في الفعاليات التي يرفع فيها علم آخر غير علم البحرين. التبريرات التي جاءت مكتوبة في فيلم «البراءة من العلم» ضعيفة ولا أصل لها ولا تتمتع بمنطق، وهي لا تعبر إلا عن حقد وموقف سالب من الحكم، وبالتالي ينبغي الوقوف بقوة في وجه هذا المشروع الذي تم اختيار هذه الأيام تحديداً للإعلان عنه كي يكون أداة فتنة تزيد من تصدع هذا الشعب الذي عانى كثيراً نتيجة هذه التصرفات اللا مسؤولة لبعض الشباب الطائش الذي لا يعرف ما يفعل ولا يدرك عواقبه بعد أن «لحس» أولئك عقله وأوهموه أنه جزء من ثورة الإمام الحسين وامتداد لها، وأنه يرفع علم الحسين ويدافع عنه وعن مبادئه، وأن عليه أن ينتصر له ليحقق النصر المنشود!إنه فنتك نويدراتي جديد لا بد من التصدي له من قبل الجمعيات السياسية التي تقول وتكرر دائماً أن (.....).
Opinion
«فنتك نويدراتي».. جديد!
15 ديسمبر 2013