وأنا منشغل في التنظيف اليومي لغرف القلب المحاصرة بغبار الضغوطات الحياتية، جاءني خاطر ما للاتصال بأحد الأصدقاء المنشغلين بمطالب الحياة اليومية للاستفسار عن صحته، والتعرف على آخر أخباره ومشاريعه الحياتية، ما أن بدأت بالسؤال عن صحته حتى انهمر بالشكوى من سوء حالته الصحية، وأنه يعاني من أحد الأمراض الغريبة والمستعصية، وأن هناك الكثير من القروض التي عليه أن يدفعها، وطلبات الأبناء التي تتزايد مع نموهم الجسدي والعقلي، والأوضاع السياسية التي لا أحد يعرف إلى أين تمضي بنا.حاولت أن أطمئنه بأن كل شيء سيكون على ما يرام، وكل شيء يحتاج إلى وقت، وأن ما يعانيه ليس إلا وعكة وستأخذ وقتها وتزول بإذن الله، إلا أنه واصل وقال إن هذا المرض متفشٍ في العائلة، فقد أصاب أخاه من قبل، وهناك أكثر من واحد في العائلة مصاب به، وأن الوضع خطير جداً، ولا سبيل إلى التخلص منه، وأنه سوف يبقى في البيت. قلت له: أخرج، عش حياتك، اضحك، قابل أصدقاءك، زر أهلك الذين انقطعت عن زيارتهم. لديك الموبايل؛ اتصل بأحبابك في البحرين وخارج البحرين. لكن كل محاولاتي للتخفيف فشلت، وكل قراءاتي في التنمية البشرية لم تجدِ نفعاً مع مثل هذا الكائن الموسوس، حينها تذكرت كيف يمكن أن يصاب الإنسان بالمرض إلى أن يتمكن منه ويطيح به كما طاح بغيره، متذكراً قول النبي محمد صلي الله عليه وسلم «لا تتمارضوا فتمرضوا».إن المرض في الحقيقة لا يصل إلى الجسد إلا عبر التفكير السلبي، عبر الأفكار التي تساعد على انتشار الجراثيم والميكروبات التي تحضر إلى الجسد بعد أن ترى أمامها البيئة الجيدة والصالحة لتكاثرها.هذا الصديق وغيره من الذين يعيشون معنا، هم عرضة للإصابة بالمرض في كل حالة من الحالات، إنهم يتحولون إلى موسوسين من النوع الذي يرفض الأكل ويرفض الشرب، وبعض الأحيان يرفض الكلام، قائماً كل مشاكل الكون تراكمت في خلاياه، وبعض الأحيان حينما تذكرهم أنهم مسلمون وعليهم الإيمان بالله سبحانه وتعالى والإيمان بالقدر بخيره وشره، يقولون إنهم يؤمنون بهذا وأنهم يقومون بأداء الفروض في أوقاتها ومع الجماعة في المسجد، إنهم يؤمنون بلسانهم؛ أما في قلوبهم فلا يعرفون حقيقة هذا الإيمان، فالإيمان قادر على التغلب على أكبر مصاعب الحياة. إن أي مرض يصيب أي إنسان هو نوع من أنواع التحذير العضوي للانتباه إلى الاهتمام بهذا العضو أو هذا الجزء المصاب من الجسد.إن من عرفوا شيئاً عن قانون الجذب الذي يقول إنك تجذب ما تفكر فيه، والواقع الذي نحياه ليس إلا انعكاس لأفكارك، والصحة والمرض ليسا إلا شكلين من أشكال التفكير. المرض قبل أن يصل إلى إي عضو من الأعضاء وقبل أن يغزو الخلايا هو فكرة تدور في الرأس، والفكرة تتحول إلى فعل مادي يذهب إلى حيث يكون التركيز، تركيزك على المرض سوف يجعله يكبر ويتوسع إلى أن يسيطر على كامل الجسد. لذلك أقول دائماً؛ إذا أردنا الصحة علينا أن نتكلم عن الصحة، وإن أصابنا مرض ما علينا أيضاً أن نتكلم عن صحتنا الرائعة ونتجاهل المرض، كأنه غير موجود.وإذا أردنا الثروة علينا أن نتكلم عن الغنى لا الفقر، علينا أن نتكلم عن الثروة حتى لو كنا مفلسين، عن الحاجة علينا أن ننظر دائماً إلى النعمة التي نعيشها، ونشعر أننا أفضل من ملايين الناس في العالم، الملايين التي تعيش على كوكبنا الأرضي، الملايين التي تتنفس معنا الهواء في هذا الجيل الذي ننتمي إليه.
Opinion
نظّف أفكارك تتعافَ
25 يناير 2014