الصحافي محمد حسنين هيكل رجل لم يعد له دور في صناعة الأحداث، كما إنه فقد كل بريقه وخسر غالبية نفوذه وهيلمانه منذ عهد الصحافي الأوحد للزعيم الأوحد.. ولكن مشكلتنا مع بقايا هذا الرجل أنه لايزال يعيش على أوهام النفوذ والنجومية عندما كان يكتب عن الوحدة العربية نهاراً ويتآمر عليها ليلاً. وقبل أحداث الثورة المصرية الأخيرة كان الرجل يعتبر من فصيلة الديناصورات الآيلة للانقراض.. وكان في عالم الصحافة والسياسة أشبه ما يكون بعجوز السينما الأمريكية الراحلة إليزابيث تايلور، التي ظلت حتى وفاتها عن عمر يناهز الثمانين عاماً توصف بأنها «قطة هوليوود المدللة».. وكان كبار أثرياء العالم المهووسين بنجوم ما قبل التاريخ يدفعون الملايين لظهورها في حفلاتهم، حتى إن إحدى أهم الصحافيات الأمريكيات وصفت هذه الممارسات بأنها «إعادة استخدام لشبح السيدة تايلور»..! فثمة أنظمة عربية تتكفل بمصروفات تدليله كثمن لإعادة استخدام شبح السيد هيكل..! وثمة أحزاب ومليونيرات في مصر أرادوا استنساخ تجربة المخرج العالمي ستيفن سبيلبيرغ مع سلسلة أفلام الحديقة الجوارسية، فأعادوا استخدام الرجل كنوع من الاستثمار الأخير لبقايا الديناصورات المتحجرة. ومزاعم وأوهام هيكل الأخيرة عن مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية، تكفي وحدها للتأكيد على أن الرجل لم يبلغ فقط من العمر عتياً، بل بلغ أيضاً من الخرف عتياً، ومن الاسترزاق الرخيص عتياً، ومن التجديف عتياً، وأنه وإن كان يتدلى مرتجفاً على حافة قبره إلا أنه لا يريد أن يتخلى عن مهنته الحقيقية في بيع صكوك الغفران لمن يدفع ونشر صكوك الهجاء والتجديف ضد من لا يدفع. والحقيقة أنها ليست المرة الأولى التي ينفث فيها الرجل سمومه ضد البحرين أو الإمارات أو السعودية فالرجل ظل لسنوات طويلة يرتزق من حقده وتجديفه وتشكيكه ضد الأسر العربية المالكة، وهو حقد بدأ منذ الخمسينات عندما كان جزءاً من مؤامرة هدفها الإطاحة بكل الأنظمة الملكية العربية..! غير أن المؤامرة فشلت، وأصحابها انقرضوا تقريباً، ومنكم من رُدَّ إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئاً..!والحقيقة الأخرى، أن هيكل الذي اعتاد على ممارسة بهلوانياته أمام القراء والمشاهدين العرب مستخدماً حكاياته القديمة المكررة والمعادة مرات ومرات ومعها بعض وثائقه المهترئة، لم يستطع أن يجد في حاضر البحرين والإمارات ما يمكنه من توجيه سموم انتقاده أو تشكيكه لهما.. وهكذا فإن «البلياتشو العجوز» -كما وصفه ناصر الدين النشاشيبي- لم يجد سوى الرجوع إلى أشباح التاريخ محاولاً الاستعانة ولو بشبح عجوز مثله، انتهت مدة صلاحيته، وأكل عليه الدهر وشرب..! وهكذا حاول إعادة الأكذوبة القديمة المكررة عن الصفقة المزعومة بخصوص عروبة البحرين والجزر الإماراتية المحتلة..! لقد كتب هيكل مغالطات سياسية وتاريخية لا حصر لها ولا أساس لها ضد كل الممالك العربية، وبلا استثناء.. ومارس قدراً كبيراً من الفبركة التاريخية من خلال استخدام معلومات وروايات وأساطير لا يوجد أحد على قيد الحياة يمكن أن يؤكدها أو ينفيها..! مع ذلك.. ومع تقديري للرد الذي كتبه معالي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية على فبركات الرجل وتخاريفه، مطالباً بإظهار أية وثيقة تؤيد مزاعمه.. إلا أنني أرى شخصياً أننا لا نحتاج أن ندافع عن أنفسنا في البحرين أو الإمارات تجاه مقولة بلغت من العمر عتياً من رجل بلغ من الخرف عتياً.. فمملكة البحرين أكبر بكثير من هيكل وفبركاته ومزاعمه وأوهامه.. والإمارات العربية أكبر بكثير من أشباحه وأساطيره ومن دكان الوثائق المهترئة التي يحاول ابتزاز الدول والأنظمة من خلالها.. والتاريخ البحريني والعروبة البحرينية الأصيلة أكبر بكثير من عجوز مصاب بالخرف فاقد لمصداقيته يحترف مهنة ترويج الأوهام وبيع صكوك الغفران التاريخية.البحرين.. يا أستاذ هيكل عمرها يقارب عمر مصر تاريخياً.. وكانت مملكة منذ فجر التاريخ.. وعربية منذ كانت العروبة لساناً وقومية وفخراً وسيفاً وحصاناً.. ومسلمة منذ فجر الإسلام.. ولا تحتاج لتكريس عروبتها واستقلالها إلى صفقات لا وجود لها إلا في أوهامك وتخاريفك.. ومعروف لصالح من تكتب اليوم فالتومانات كالدراهم.. تأبى إلا أن تظهر أعناقها..!عضو مجلس الشورى