صرنا نتشاءم من كلمة «جاهزين»، إذ كلما خرج مسؤول كبير ليصرح بشأن توقع وضع معين قريب وقال «جاهزين» و«مستعدين»، فاعلموا بأن «المحظور» سيقع وأن العكس سيحصل، فما تعودنا عليه أننا «جاهزين» للتصريحات فقط، لكن أموراً أخرى عملية فـ«حدث ولا حرج».قالوا قبل الصيف إنهم «جاهزين» ولن تحصل انقطاعات كهربائية، فكانت النتيجة أن اضطر عدد ليس بالقليل من الناس للإفطار في رمضان على ضوء الشموع لأن الكهرباء انقطعت، وحينها كان المعنيون «جاهزين» للتصريح طبعاً!الآن، وكأنها «حوبة» أو «عين قوية»، يخرج علينا المسؤولون ليقولوا بأننا «جاهزين» لموسم الأمطار، فكانت النتيجة بأن «طبعت» البحرين وغرقت بعض المناطق، ولولا ستر الله فإن ما أصابنا لا يقارن بما حصل في الرياض والكويت من فيضانات وسيول.عموماً، المواطن البحريني يأخذ مصائبه بأسلوب «فكاهي» ويحاول أن «يتأقلم» مع الوضع بـ «روح رياضية»، طبعاً تمثلاً بالمثل الشهير «إذا ما طاعك الزمان طيعه»! وعليه رأينا كيف كان يجدف ذاك المواطن على «السكيت بورد» في منطقة كرانة التي تحولت وكأنها «فينيسيا» مدينة البندقية العائمة، وغيرها من حالات التعامل التي يخفف المواطن فيها عن نفسه بالتندر لكنه في نفس الوقت لا ينسى أن يوجه الانتقاد المباشر و«المطلوب» لمن يعنيهم الأمر، ولمن قالوا له ووعدوه بأنهم «جاهزين» واتضح مستوى جهوزيتهم بمجرد سقوط مطر بكمية زائدة عن المعتاد.قد يقول بعضهم؛ وماذا نفعل أمام قوة الطبيعة؟! وهذا قول يرد عليه ببساطة باعتبار أننا لسنا في مواجهة «تسونامي» هنا، لكن أمطار غزيرة يفترض مقابلها وجود نظام صرف قوي ومحكم، لكن ما يتضح عبر تكدس المياه ووصولها لمستوى عال في بعض المناطق أن «البنية التحتية» المعنية بتصريف مياه الأمطار «حالتها حالة»، أو أن من خطط لها إما أخذ فلوس البلد و»شال عليه» إن كان خبيراً أجنبياً وما أكثرهم! أو أنها من ضمن المخططات التي تتم بأسلوب «مش حالك»!في بريطانيا وهي الدولة التي لا يتوقف فيها المطر، وأحياناً يهطل بغزارة ويزيد بتساقط الثلوج وتغطيتها للأرض، عملية التصريف تحصل في سويعات معدودة، حتى إذا توقف المطر تكاد تظن بأن الجو كان «كاذباً»، لا تكدس للمياه ولا مستنقعات ولا «برك سباحة» ولا سيارات تغرق. في فبراير هذا العام غطت الثلوج لندن ليوم كامل، لكن في صبيحة اليوم التالي وكأن شيئاً لم يحصل، ذاب الثلج وذهبت المياه في شبكة تصريف المياه المنشأة بطريقة «احترافية».ما المشكلة إن تعلمنا من الغير؟! تقوم الجهات الرسمية بالدولة بزيارات عديدة لبريطانيا، وكثيراً ما نرى المسؤولين يوقعون اتفاقيات تفاهم -لا ندري إن هي موضع التفعيل أم مجرد شو- وعليه لماذا لا نستفيد من تجربتهم في هذا الشأن؟! إن خرج علينا البعض ليقول بأننا ذهبنا وزرنا واطلعنا ووقعنا، فسنقول إن كل هذا لا فائدة منه الآن، فما حصل يثبت تماماً بأن كل ما حصل لم يكن سوى تضييع وقت وجهد ومال الدولة، لأنه بلا نتيجة.«شوية» مطر قوي وتطلع فضايح تصميم الشوارع وشبكات التصريف. والله ذكرنا الموقف بما حصل بشأن الكوبريات وسقوط السيارات منها. وبعض النواب «الله يهديهم» صرخ وقال «سنفتح تحقيق»! إذا كان التحقيق بنفس طريقة التحقيق في سقوط السيارات من الكباري أو التحقيقات السابقة، فعلى الدنيا السلام «طبعانه البلد طبعانه»!الخلاصة، هذا درس لمن يصدق أي مسؤول معني بأمور خدمية ترتبط إما بالكهرباء أو الطرقات أو التعامل مع الكوارث الطبيعية، حينما يقول لكم «جاهزين» عليكم تذكر الأغنية الشهيرة لبرنامج الأطفال الذي كان يمثل فيه الفنان مصطفى رشيد، كان يسألهم «جاهزين» وحينما يردون بالإيجاب يقول «وأنا بعد جاهز»، بالتالي كن يا مواطن «جاهز» للأسوأ حينما يقول المسؤولون بأنهم «جاهزين»!أخيراً سؤال، أليست هناك في البلد لجنة طارئة للكوارث أم «الأمور طيبة» ولا تستدعي ذلك؟! سقف مجمع البحرين «سقط»، والمدارس بعضها تحول لـ «برك» سباحة! بس إذا تقولون «الأمور طيبة»، خلاص أنتوا «أبخص»، يا «الجاهزين»!
Opinion
جاهزين وجاهزين.. آخرتها «طبعنا»!!
20 نوفمبر 2013