لست من المولعين بالدخول في مناقشات دينية، لكني أحب أن يكون لي دائماً رأي يسهم في التقريب بين الآراء المختلفة، في التفاصيل المذهبية فأنا وسطي ومن المؤمنين بأن الشيطان يكمن في التفاصيل، وبأن أي خلافات مذهبية من شأنها أن تضعف الموقف الإسلامي في زمن لا يحترم ولا يقدر إلا القوي.من هنا فإن كل ما كتبته من قبل وما قد أكتبه لاحقاً يصب في هذا الاتجاه، خصوصاً وأنني أطرح نفسي كمثال يعبر عن «اللاتمذهب»، ويعبر عن الإسلام بعيداً عن التفاصيل، خصوصاً تلك المؤدية إلى خلافات قد تفضي إلى التمزق، وخصوصاً تلك المغرقة في التاريخ والتي لا نستطيع جميعاً تغيير وقائعها، بل إنني أكره نبش التاريخ واتخاذ مواقف من قضايا وأحداث لم نشهدها واعتبارها أساساً في مناقشاتنا التي يفترض أنها تكون بهدف تطوير حياتنا ومستقبلنا.مناسبة هذا الحديث هو ما وصلني من تعليقات وآراء على مقالي المنشور هنا قبل عدة أيام تحت عنوان «فضائيات دينية مضحكة»، والذي طرحت من خلاله دور بعض الفضائيات التي تتسبب عبر برامجها في زيادة الشرخ وتعميق الجرح بين المسلمين، ودعوت المسؤولين عن الإعلام في البلاد العربية والإسلامية إلى مراقبتها وإعادة النظر فيها واتخاذ موقف منها وإخراجها من الأقمار الصناعية لو تبين أنها تسيء إلى الدين الإسلامي والمسلمين، حتى وإن كان نيتها الدفاع عنه وعنهم.الأكيد أنني أحترم كل التعليقات والآراء التي وصلتني على المقال المذكور، وأحترم أصحابها وأقدر تجشمهم عناء قراءة ما أكتب وأعتز بذلك، والأكيد أيضاً أن اختلافهم معي في الرأي لا يفسد الود بيننا، وما أشير إليهم هنا إلا لأعبر عن شكري وتقديري لهم لما وفروه لي من معلومات كانت غائبة عني ونبهتني إلى أمور مهمة، ولأؤكد لجميع القراء أن ما كتبته وأكتبه يدخل في باب حبي للإسلام وخشيتي من أن يساء إليه. والأكيد أن ما وفره لي القراء من معلومات عن مكانة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه عند أهل السنة والجماعة أثلج صدري الذي ينتظر أيضاً من يوفر لي المعلومات عن مكانة الخلفاء الراشدين الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وعن السيدة عائشة زوجة رسول الله عليه الصلاة والسلام ومكانتها لدى الآخر، والذي لايزال مرتبطاً بصور محددة من الماضي ومكبلاً بها ويستغل ما صار بين يديه من فضائيات لإثبات ما لا يفيد الإسلام ومستقبله.ما وددت الوصول إليه في مقالي المذكور هو أن علينا كمسلمين أن نزيح من طريقنا كل ما قد يعيق دورنا في البناء والإسهام الحضاري، وأن نستفيد من الفضائيات التي هي اليوم أدوات مهمة وقادرة على الوصول إلى العالم ببساطة في التقريب فيما بيننا، وتوظيف كل جهودنا وأموالنا للعمل على تحقيق هذه الغايات والأهداف الخيرة بدلاً من توظيف كل هذا في التفرقة والدفاع عن آراء لن تفيد كثيراً لو غلبت أو سادت، دون أن يعني هذا عدم احتواء المقال على معلومات ينقصها الدقة أو خان التعبير بعض مفرداتها، وصار الاعتذار عنها واجباً.ما يهمني توضيحه أيضاً هو أنني من الذين ينظرون بإكبار واعتزاز إلى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يضم العلماء من المذاهب جميعاً، ولرئيسه نواب ثلاثة من الشيعة والسنة والإباضية، ويؤكد دوماً على موقفه الثابت من ضرورة وأد أي فتنة بين المسلمين في مهدها، ومن ضرورة التقريب بين أهل المذاهب الإسلامية وعلمائها وأتباعها، ومن ضرورة التعاون بين المسلمين كافة فيما اتفقوا عليه، وأن يعذر بعضهم بعضاً فيما اختلفوا فيه.حفظ الله الإسلام من كل سوء وأعزه والمسلمين جميعاً. وجمعة مباركة.