بدأت في لندن ثم انتقلت لبروكسل وبعدها روما خلال أقل من أسبوع واحد فقط، وكلها تعكس تحولاً دولياً كبيراً تجاه البحرين، فلندن أشادت بالتزام البحرين تنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، والاتحاد الأوروبي أعلن ترحيبه بـ«الخطوات التي اتخذتها المنامة لتنفيذ التوصيات»، وإيطاليا تشيد بأجواء التسامح والتعايش التي تعيشها المملكة وتبدي إعجابها بالشعب البحريني. هذه مجرد ثلاثة مواقف مهمة تعكس اتجاهاً جديداً في المجتمع الدولي تجاه المنامة وأزمتها التي تمت قبل عدة سنوات، فمحاولات تشويه السمعة انتهت من غير رجعة لعدة أسباب، وهي التبدل في المصالح الدولية من جهة، وجهود بحرينية وخليجية من جهة أخرى كلها ساهمت في إيقاف حملات تشويه السمعة الدولية ضد البحرين. بمرور الوقت إذا استمر التحول أكثر فأكثر، فإن من كان يعوّل على تدويل ما أسماها بـ«قضية البحرين» سيدرك فشله، لأنه لم يدرك فشله حتى الآن. البحرين تمسكت كثيراً بمواقفها وقناعتها بالإصلاح السياسي دائماً ومازالت، وهذا التمسك لابد أن يأتي بثماره يوماً، ليس من أجل عيون الغرب ومنظماته الحقوقية، وإنما من أجل البحرين وشعبها الذي آمن بالتحول الديمقراطي وسار فيه بكل ثقة، وسيواصل فيه لبناء ديمقراطية المستقبل، خاصة مع قناعة بأن الديمقراطية البحرينية لم ولن تكتمل يوماً لأنها عملية مستمرة تقرها الإرادة الشعبية طبقاً للظروف والاحتياجات. الديمقراطية البحرينية الثانية التي نشأت في 2001 واستمرت قائمة حتى اليوم عانت كثيراً من صراع محموم بين من يؤمن بضرورة بناء ديمقراطية وطنية خالصة بتجربة مغرقة في محليتها مع آفاق واسعة لتطوير التجربة هذا من جهة، ومن جهة أخرى بين من آمن بضرورة بناء ديمقراطية مشوّهة تحقق أجندة بعض مكونات المجتمع لا أكثر، وحاول تبرير مرئياته دائماً بخرافات تتعلق بالممارسات الدولية. هذا الصراع لم يحسم طوال 12 عاماً، وحان الوقت لحسمه حتى تنتقل الديمقراطية البحرينية إلى مرحلة أخرى أكثر نضجاً. كذلك تزامن هذا الصراع مع من يؤمن بضرورة السماح للتدخلات الخارجية للدفع بالإصلاحات السياسية قدماً، ومن آمن بضرورة منع مثل هذه التدخلات لضمان التحول الديمقراطي الطبيعي دون أي تدخلات من كافة الأطراف الخارجية. الصراع الأخير تم حسمه مؤخراً، ولابد من التمسك به أكثر، لأنه لا يمكن أن يقوم نظام ديمقراطي مع تدخلات القوى الخارجية التي لها أجندة ومصالح من تدخلاتها سواءً كانت مباشرة أو غير مباشرة.
Opinion
المجتمع الدولي وصراع الديمقراطية في البحرين
27 نوفمبر 2013