ما حدث الجمعة الماضية في قرية الديه يسيء إلى كل تحركات «المعارضة» ويسيء إلى عزاء الحسين عليه السلام، فما حدث كان استغلالاً من «القياديين» للمعزين الذين تم شحنهم في عاشوراء فخرجوا في مظاهرة هستيرية يبغون الدوار! ما حدث كان استغلالاً سيئاً لمناسبة عاشوراء وخلطاً غير مفهوم لذكرى الحسين مع تطورات الأحداث في البلاد. يعني «خبصة»؛ ذلك أن ذكرى الإمام الحسين لا علاقة لها بما يجري من أحداث في البحرين، وليس مقبولاً أبداً الخلط بين هذه الذكرى التي لها ما لها من مكانة وتقدير في نفوس أهل البحرين جميعاً وبين مطالبات لا ترقى إلى ما كان يسعى إليه الحسين وأراد به إصلاح حال البشرية. ليس «خبصة»؛ بل «خبصة عدلة»، فما جرى يوم الجمعة أكد تخبط «المعارضة» و»القياديين» الذين لا يزالون دون القدرة عن التحرر من تأثير الدوار واعتبار الوصول إليه هدفاً غالياً يستحق الموت دونه. أما المثير في الأمر فهو أنهم اعتبروا ما حدث «قمعاً واعتداء» مارسته قوات الأمن دون وجه حق ضد متظاهرين «سلميين»، فانبروا ينشرون عبر كل وسائل الإعلام والتواصل التغريدات والأخبار والصور التي تظهرهم وكأنهم معتدى عليهم وتظهر رجال الأمن وحوشاً ما كان لهم أن يخرجوا من حيث كانوا، وما كان عليهم أن يتعاملوا مع ما حدث طالما أنه «سلمي» وطالما أن النية صافية، فالأعمال بالنيات! ما حدث يوم الجمعة كان مؤلماً وهو ليس في صالح هذا التحرك سواء كان إصلاحياً أو غير إصلاحي، لأنه أظهر من ورائه وكأنهم مفلسون، ذلك أن التوجه إلى الدوار تعبير عن إفلاس وليس عن قوة وبعد نظر، وهو لم يجلب سوى الأذى للمشاركين في المظاهرة (الحسينية) وللجمهور الذي توفر في المكان ولا علاقة له بما يجري. لا يمكن للدولة أن تقبل بهذا الخلط بين عزاء الحسين و»عزاء» السياسيين، ولا يمكن لعاقل أن يقبل باستغلال قضية الحسين مثل هذا الاستغلال البشع الذي يسيء إلى آل البيت الكرام وذكراهم العطرة ودورهم الرسالي، بل إن الدولة مطالبة بأن تقف بكل حزم ضد مثل هذا الخلط وهذا التطاول على الحالة الأمنية. ترى أي دولة في العالم تقبل أن يخرج في عزاء الحسين شباب ملثمون، مجهولو الهوية، وإن ارتدوا الملابس البيضاء وحملوا الورود؟ وأي دولة في العالم تقبل أن ترفع رايات تنظيم غير شرعي في عزاء الحسين؟ ما جرى في الديه يوم الجمعة كان استعراضاً «ثورياً» لا علاقة له بعزاء الحسين، واللافتات التي رفعت كانت سياسية، والصلاة التي أقيمت بإمامة أمين عام الوفاق كانت سياسية (لأول مرة نرى المصلين وهم يرفعون أيديهم المتشابكة وهم جلوس في نهاية الصلاة)، والتوجه إلى حيث كان الدوار لا علاقة له بالحسين وبعزاء الحسين، وأعلام البحرين التي رفعت في المظاهرة رفعت لذر الرماد في العيون لأنه رفع بجانبها أعلام ائتلاف فبراير الممنوع رفعها في المسيرات السياسية، فكيف والمسيرة.. حسينية؟أبداً ما كان ينبغي أن يحدث ما حدث لأنه عبر عن إفلاس «المعارضة» وإفلاس «القياديين» إلا إن كانوا يبحثون عن محركات جديدة (كسقوط قتيل) لإعطاء «الثورة» دفعة جديدة بعدما شعروا بفتورها وتململ الناس منها، وضاقوا بالأحداث التي لم تجلب لهم سوى الأذى والمزيد من التمزق والتباعد بينهم وبين شركائهم في الوطن. ما حدث في الديه يوم الجمعة وكشفته الصور، التي قاموا بنشرها بأنفسهم، يؤكد أن تعامل رجال الأمن مع عزاء النويدرات في اليوم السابق له كان حقاً ومبرراً وأنه بالفعل تم الخلط بين عزاء الحسين وبين أمور أخرى لا علاقة لها بسيد الشهداء.