لا يمكن أن يتقدم هذا الحوار طالما بقيت مجموعة الوفاق تستند في تحريك مياهه عبر قوة دفع خارجية أي عبر التحالف الأمريكي البريطاني معها فحسب، أو استناداً على إرهاب فصائلها من جهة أخرى، حتى لو استجابت جمعيات الائتلاف لهذا الابتزاز والتهديد، إلا أن بوصلة حراك مجموعة الوفاق ولدت جبهة وطنية مضادة لها في الاتجاه، جبهة وطنية معارضة تخطت بكثير قيادات كل القوى السياسية التقليدية الممثلة بالجمعيات بما فيها جمعيات «الائتلاف».لقد ولدت «جبهة وطنية» من رحم الأزمة قوامها المزاج العام وميدانها المجالس ووسائل التواصل الاجتماعي، ومشروعها هو حماية دستور الدولة، وميثاقها هو الإصلاح ومحاربة الفساد والتنمية وتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص عبر مبادئ هذا الدستور أي عبر مؤسسات الدولة وقوانينها لا عبر القفز عليهما.جبهة آمنت، كجلالة الملك، بأن مستقبل البحرين يأتي عبر تثبيت دعائم الدولة ورسم حدودها السياسية ورسم نظامها السياسي، آمنت كجلالة الملك بأن تصويتاً على ميثاق وطني يجمعها ويرسم لها الفواصل بين سلطاتها هو الدعامة والحصن المنيع المقاوم للتصدعات الداخلية أو محاولات الاختراق الخارجية. هذه الجبهة تضع يدها في يد جلالة الملك اليوم لحماية ميثاقهما ودستورهما الذي صنعاه سوياً، تلك الجبهة هي التي تتصدى الآن وبشدة لكل محاولات مجموعة الوفاق لتدويل قضية البحرين، ولمحاولة غلق الملف بضغط وابتزاز دولي يخترق سيادة الدولة ويبني عرفاً يفتح باب الاضطراب إلى ما لا نهاية.إن الارتهان لهذا الضغط الدولي يعرض البحرين لهزات داخلية ولتصدعات، وهذه الجبهة الوطنية البحرينية من شيعة البحرين قبل سنتهم ومن مسيحيي ويهود البحرين قبل مسلميهم، جبهة تفوق وتتخطى في حراكها الجمعيات التي أصبحت تتبعها لا العكس، بل إن حراك الجمعيات يحاول اللحاق بهذه الجبهة، تضع يدها في يد جلالة الملك لتخطي هذا المنعطف، دونما خضوع لهذا الابتزاز وهذا التهديد بالتدويل الذي تقوم به هذه المجموعة.هذا واقع جديد على كل الأطراف أن ينتبه له، فالابتزاز والتهديد لا يمكن أن يدفعا لاستئناف الحوار، وجمعيات ائتلاف الفاتح ما قبلت الجلوس مع هذه المجموعة للحوار إلا قبول المرغم الخائف على وطنه من الابتزاز والتهديد لا أكثر ولا أقل، صوت هذه الجبهة الوطنية التي تشكلت من شارع حر تلقائي الحراك بلا قيادة مركزية قادر أن يكون رقماً صعباً، وقادر أن يفرض وجوده على كل الأطراف المشاركة في الحوار وقادر على توجيه بوصلته.هذه الجبهة الوطنية مشروعها هو حماية الميثاق والدستور وحفظ السيادة الوطنية وحفظ الحكم كما خطه هذا الميثاق وهذا الدستور والتصدي لخرقهما عبر التهديد والابتزاز والخروج عن الشرعية وعن المبادئ التي أقرها الميثاق الوطني والدستور.الذي لا تدركه مجموعة الوفاق ومعها شركاؤها الأمريكيون والبريطانيون أن المسألة ليست صراعاً لأجنحة للحكم كما يصورون لهم الأمر، ما لا يدركونه أن هذا اللاعب الجديد سيبقى عائقاً أمام نجاح أي محاولة أو مبادرة - من أي طرف كان- لإغلاق الملف، طالما أن تلك المحاولات مبنية على تجاوز الميثاق أو الدستور وتتم بالابتزاز والتهديد.والتفكير بعقلية سطحية ترجع مصدر الرفض والممانعة لحوار الابتزاز والتهديد بأنهم حفنة من المستفيدين الذين يتبعون هذا الطرف أو ذاك من بيت الحكم يتصارعون في النفوذ، أو صراع بين إصلاحيين وغير إصلاحيين، هو تفكير سطحي يزيد من عمق المسافة ويباعد بين الأطراف ولا يحل الإشكال الذي تقع به هذه المجموعة وحلفاؤها الدوليون بهذا الحس المتدني، أن إنكار وجود هذه الجبهة وأثرها الفعال في قرار كل الأطراف المشاركة ما هو إلا تأخير للحل وتكرار للفشل.للعلم إن أي طرف في بيت الحكم رافض للحوار فهو تابع لا متبوع لهذه الجبهة الوطنية التي تضم كل أطياف الشعب البحريني، أي طرف من بيت الحكم هو تابع لهذه الجبهة الوطنية لا قائد لها، مشارك لها اعتزازها بسيادتها وبعروبتها وبحقها في تقرير مصيرها دون تهديد وابتزاز، هذه واحدة من نفحات ملف متخم لم يقترب منه أحد إلى الآن، وتكرار فشل كل المحاولات السابقة بسبب تجاهل «مشروع الجبهة الوطنية».
Opinion
حتى لا يتكرر الفشل
26 يناير 2014