أثبتت تجربة أكثر من 64 عاماً الحاجة لمراجعة طبيعة المشهد السياسي في دول الخليج العربية، بعد أن شهدت هذه الفترة التي تزيد عن الربع قرن تحالفات مع جماعات يسارية من القوميين والليبراليين، ثم الدخول في تحالفات طويلة مع الجماعات الإسلامية، وكانت النتيجة في النهاية تورط هذه الجماعات في أعمال إرهابية ضد دول الخليج العربية، وانتقالها من جماعات متفرقة إلى منظومة إقليمية وأحياناً دولية. ورغم أحداث التسعينات في دول الخليج العربية، وتصاعد موجة الإرهاب بعد أحداث سبتمبر 2001، إلا أن القرارات تجاه الجماعات الإسلامية المتطرفة لم تكن قرارات حاسمة، وأدى تأجيل القرارات الخليجية الحاسمة إلى أضرار فادحة ونتائج خطيرة تدفع ثمنها دول الخليج اليوم. الأضرار الرئيسة التي طالت المجتمعات الخليجية نتيجة الجماعات الإسلامية المتطرفة كثيرة، ومن أبرزها تكوين بيئة خصبة لزعزعة الأمن والاستقرار، سواءً على الصعيد الأيديولوجي، أو حتى الصعيد الميداني بالإمكانات والقدرات التي تمتلكها، ومثل هذه البيئة لا يمكن إنهاؤها إلا بإنهاء الجماعات التي عملت على تعزيزها، وتجاوز أخطاء الدول الخليجية التي ساهمت أيضاً في تكوين هذه البيئة. اليوم هناك اهتمام خليجي بتقييم الجماعات الإسلامية السنية والشيعية الخليجية على السواء، ومن ثم مواجهتها وملاحقتها، وهذه العملية مفيدة وخطرة في الوقت نفسه. فهي مفيدة لأنها تساهم في الحد من تصاعد نزعات التطرف الديني والسياسي والأيديولوجي، وتساهم كذلك في الحد من صراع النفوذ السياسي والاقتصادي بين الجماعات الإسلامية المتطرفة، كما تساعد على إفشال مشاريع الدولة السياسية داخل الدولة الخليجية، وتحفظ أمن واستقرار المجتمعات الخليجية. أما في ما يتعلق بخطورتها فالبعد الذي يحقق ذلك هو حقيقة أن تجارب استهداف الجماعات السياسية أثبتت غياب المشاريع البديلة، فاستهداف الجماعات الإسلامية المتطرفة خطوة جيدة، ولكن البديل عن هذه الجماعات هو المطلوب.تحول دول الخليج العربية إلى دول بدون جماعات إسلامية متطرفة من شأنه أن يحفظ الأمن الإقليمي الخليجي، ويساعد على بناء علاقات إقليمية ودولية مستقرة أكثر بدلاً من أن تكون مثل هذه الجماعات أداة ووسيلة للقوى الكبرى والعظمى لتحقيق أجندتها في المنطقة، ويتم استغلالها بشكل بشع. استهداف ومواجهة الجماعات الإسلامية المتطرفة يجب أن يكون على كل المستويات، وألا يقتصر على مسألة إدراجها في القوائم الإرهابية، فهناك نشاط تعبئة وتجنيد أيديولوجي، وهناك تنظيمات، وهناك شبكات تمويل، وهناك شبكات اتصالات، وهناك مناطق نفوذ. لذلك لابد أن تشمل إجراءات الاستهداف جميع الجماعات الإسلامية المتطرفة سواءً كانت سنية أو شيعية، فلا مكان لمثل هذه الجماعات في الخليج العربي.