كثير من الصحف العربية والعالمية، وقبيل إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر، عنونت صحفها الأولى «بمانشيتات» غريبة وربما ليست مهنية، لكنها واقعية. هذه العناوين كلها تصب وتندرج في عنوان واحد وهو «مصر تنتخب السيسي»، وليس «مصر تنتخب رئيسها»!كيف لمصر أن تنتخب رئيساً بالاسم حتى قبل موعد إجراء الانتخابات؟ وكيف أدركت وسائل الإعلام تلك، بما لا يدع مجالاً للشك عندها، أن المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي سوف يفوز لا محالة وبلا أدنى شك؟هو ليس تخميناً وليس من علم الغيب في شيء، بل هي التجربة التي أدرك من خلالها كل المصريين تقريباً، أن مصر وفي الوقت الراهن لا أحد يستطيع أن يديرها مهما كان برنامجه الانتخابي مثالياً، ومهما يحمل المرشح المنافس من مؤهلات ربما تفوق مؤهلات السيسي بملايين المرات، كل ذلك إذا لم يكن المترشح من منظومة القيادة العسكرية.إن التجربة السيئة التي خلفها الإخوان في الحكم، وفي فترة قيادتها لبلد كبير وعظيم بحجم مصر، أعطت انطباعاً واضحاً وصريحاً للشعب المصري أن جحيم العسكر خير له من نعيم الإخوان، حتى ولو تيقنا سلفاً أن جماعة الإخوان المسلمين وصلوا للحكم عبر صناديق الاقتراع، ولو دارت الأيام -وهذا ما يحصل اليوم- وقدر للمصرين انتخاب رئيس جديد لهم، فإنهم لن يجازفوا أن يختاروا غير العسكر، ليس لأن العسكر هم الشريحة الفاضلة في مصر العروبة، بل لأنهم أفضل الموجودين حالياً على الساحة السياسية المصرية، من حيث قدرتهم إدارة مجريات الأحداث في بلد يمضي نحو الهاوية.يرى المصريون اليوم أن انتخاب السيسي هو الأصلح لهذه المرحلة، وليس الأفضل، وبعد استتباب الأمن واستقرار مصر، حينها نقول بأن لكل حادثة حديث.لكن، وعلى الرغم من هذه النظرة التحليلية لأحداث الرئاسة في مصر، إلا أن أخوف ما يخافه المصريون في ظل حكم العسكر أن تتكرر تجربة الرئيس السابق حسني مبارك، حيث زاد منسوب الفساد في عهده بطريقة «جوعت» الشارع المصري حتى خرج على حكمه، أو أن تضعف أركان الدولة المدنية، كما أضعفها «الإخوان» في فترة حكمهم لمصر.. إنه «القلق المشروع»!!يبدو أن فوز المشير عبدالفتاح السيسي بات محسوماً سلفاً، وأن كل العالم وقبلهم كل المصريين أدركوا أن المنقذ في هذه المرحلة التي نستطيع أن نطلق عليها مرحلة «الهلكات»، هو حكم العسكر، فالتجارب السياسية علمت المصريين أن الصوت المناسب لهذا اليوم، هو الصوت الذي يذهب للجهة التي تحفظ أمنهم وقوت يومهم، وأن يعاودوا حياتهم اليومية بشكل طبيعي على صوت عبدالباسط عبدالصمد عند كل صباح بالقرب من «أكشاك» الفول المدمس، وعند المساء يمارسون حياتهم على أنغام أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، أما المستقبل فإنه لن يتحدد قبل أمن مصر وسلامة كل المصريين.
Opinion
لماذا «سيسي يس.. سيسي يس..»؟
29 مايو 2014