قبل الخوض فيما نحن بصدده، لابد من التذكير بأن المواطن البحريني مازال يتطلع لمستقبل أفضل ومازال ينتظر أن تتحسن أوضاعه المادية والمعيشية مقارنة بأشقائه في دول الجوار، بالأخص حينما تمر عليه مناسبات وطنية ينتظر فيها قيام الدولة بتقديم مزيد من التسهيلات وبمبادلة المواطن التقدير بالتقدير.لا يعني ذلك ألا نذكر للدولة مواقفها الإيجابية، بالأخص عندما تتدخل وقتما يزيد اللغط وتدخل بعض الأمور إلى أنفاق مظلمة لا يعرف منها شيء سوى أنها ستتسبب بالضرر على المواطن. الأسبوع الماضي سجلت للحكومة نقاطاً تفوق نتيجة مواقف أثمرت عن توجيهات وقرارات للأمير خليفة بن سلمان كان وقعها واضحاً على المجتمع والمواطنين.هناك استياء في الشارع البحريني بسبب قرار زيادة أسعار الديزل، اتسق معه استياء من قبل أعضاء كثر من السلطة التشريعية بشأن اتخاذ القرار، لكن الاستياء تباين بين فريقين، فريق يرى أنه لا يجوز رفع الدعم وزيادة الأسعار في وقت لم يتحصل فيه المواطن على أي شيء، وفريق يرى أنه لم يكن صحيحاً قيام الحكومة (أو فرد محسوب عليها) بفرض قرار هكذا دون أخذ موافقة مجلس النواب.المواقف الثلاثة (المواطنون والفريقان النيابيان) لديهم حق ووجهات نظر كلها تصب في خانة الصواب، فالمواطن من حقه أن يتذمر حينما يرى بأن هناك أسعاراً ستزيد في مقابل ذلك «وعود كلامية فقط» تقول بأنه لن يتضرر، ولا يجد بعد إطلاق هذا الكلام الوزير المعني (وزير المالية في هذه الحالة) يظهر أمامه ليتحدث بكل وضوح وشفافية وبالأرقام الدقيقة ليفسر له «الجملة الهلامية» القائلة «المواطن سيعوض ولن يتضرر»، إذ كيف يكون التعويض؟! كم سيكون التعويض؟! وما هي آلية التعويض؟! ومن هي الفئات المستثناة (طبعاً تعودنا على وجود فئات مستثناة لا تنطبق عليها المعايير)؟! اختفى الوزير ولم يكن له أثر، والناس ضاعت بين القيل والقال ولم تصدق على الإطلاق الوعد الكلامي «المواطن لن يتضرر». هنا فقط نقول للوزير المعني وأي وزير آخر يريد أن يطبق توجهاً جديداً أو ينفذ سياسة تفرض لغطاً في الشارع «لا يجوز» أن تلقي بـ«قنبلة» هكذا ثم تختفي متوارياً عن الأنظار، لا يجوز أن «تثير الذعر» بهذه الصورة في صفوف الناس ثم لا تنطق بحرف واحد لتطمئنهم وتهدئ من روعهم.هذا في جانب المواطنين، أما في شأن فريقي النواب، فالفريق الأول -الذي نشد على يده- يصر على أنه لا يجوز اليوم رفع الدعم أو زيادة الأسعار على أي شيء دون أن يقرن بزيادة رواتب الناس وبتحسين خدماتهم وبأن يحس المواطن بـ«رقم» يغير من وضعه المادي. ورجاء لأي مسؤول «يتفلسف» ويقول بأن «المواطن أصبح مادياً» أن يستوعب بأن البحرينيين لم يكونوا أبداً ماديين أو ملاحقين للمال، بل من جعلهم يركزون اليوم على تحسين وضعهم ورفع رواتبهم -وهذا من حقهم- هو ما يرونه من «استهتار صارخ» بالمال العام، ما يرونه على «حرق» لأموال البلد في فعاليات ومناسبات وغيرها لا تمثل أولوية بل لا تستهدف إلا الأجنبي، والأعظم ما يرونه بأن الحراك في البلد لا يركز على أساسيات الناس بل يركز على مشاريع هامشية و»طلعات» لأفراد على حساب المصلحة العامة. بالتالي كلام هذا الفريق من النواب هو «عين الصواب»، ونتمنى أن يثبتوا عليه. في حين الفريق النيابي الآخر وهو الذي يطرح قضية هامة تمس حقاً أصيلاً من حقوق السلطة التشريعية، رغم أن بعض مؤشرات الكلام مقلقة وتوحي بأن هؤلاء يمكنهم تمرير أي شيء، أي شيء، فقط لو تم منحهم «اعتبارهم» و«برستيجهم» من قبل الحكومة من خلال «مشاورتهم» في هذه المواضيع وعدم اتخاذ قرارات متفردة. نعم هناك من النواب من «يزعل» إذا كان آخر من يعلم.عموماً، أعود لقرارات وتوجيهاته سمو رئيس الوزراء الذي لم يتوان في التوجه بنفسه لمجلس النواب لينهي هذا الجدل ويضع النقاط على الحروف، والمثلج للصدر أن الكلام «واضح ومباشر»، القرار سيؤجل حتى يكون نتاج مشاورات بين السلطتين وبما يضمن (وهنا ضعوا ألف خط) وبما يضمن «مصلحة المواطن وعدم تضرره».يشكر سمو رئيس الوزراء حفظه الله على هذا التوجيه، ويضاف إليه قراره الذي تلاه بيوم بشأن مساواة العلاوة الاجتماعية للمرأة بنظيرها الرجل، وهو قرار قابلته ردات فعل إيجابية من قبل البحرينيات، خاصة وأننا نتحدث اليوم عن المساواة في المواطنة والعمل والفرص، لكن هناك بعض الأمور التي كانت توجد الفارق بين الطرفين. عموماً، تستحق المرأة البحرينية العاملة هذا المكسب الذي تستحقه كحق كامل لها، وفي شأن مسألة رفع أسعار الديزل نقول للسادة النواب: الكرة في ملعبكم، برجاء أن تضعوا أمـــام أعينكم قبل «ركل الكرة» أن الهـــدف ليس «رد اعتبار المجلس» لعدم مشاورته بقدر ما هو الهدف «ضمان مصلحة المواطن وعدم تضرره».
Opinion
«وقف» الديزل.. و«زادت» المرأة!!
04 يناير 2014