لفت انتباهي وأنا أتنقل بين القنوات الإخبارية لمعرفة ما يجري في عالمنا المنكوب خبر مفاده؛ أن الحكومة الأمريكية ومن باب سلامة رعاياها في ليبيا التي تشهد اضطرابات مسلحة، قامت بإرسال بارجات حربية من أجل تأمين سلامتهم، ومن ثم تأمين طريق عودتهم لنقلهم بعد ذلك إلى أمريكا، فالوضع في ليبيا ليس آمناً.من كامل حق واشنطن أن تقوم بتأمين وحماية رعاياها في كل دول العالم، خصوصاً الدول التي تعيش صراعات سياسية وعسكرية، وهذا ليس بالأمر الغريب المستغرب، ولا بالأمر الشاذ، خصوصاً لدولة ترعى مصالح شعبها بانتظام كالولايات المتحدة الأمريكية.الأمر المستغرب في هذا الخبر، هو أن تقوم الدولة العظمى وراعية حقوق الشعوب والبشر «أمريكا» بتأمين رجوع رعاياها لواشنطن، في الوقت الذي يموت فيه كل الليبيين بأسلحتها وبخططها وبإرادتها وعبر أجندتها في المنطقة، فهي تهتم لرعاياها الذين يعدون على الأصابع، ولا تهتم لشعب بأكمله، حتى باتت تذكرنا بقول الشاعر الذي يقول:قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفروقتل شعب كامل مسألة فيها نظرنحن لا نكره الشعب الأمريكي، ولن نتمنى له إلا الحب والخير والتوفيق، لكننا ننتقد تلك السياسة العنصرية التي تنتهجها الإدارة الأمريكية حيال الشعوب الأخرى، خصوصاً الشعوب العربية، فهذه الإدارة يهمها نقل الأمريكان من ليبيا وإجلائهم في بارجات حربية لأجل سلامتهم، لكن أن يقتل الشعب الليبي وبقية شعوب العالم عبر معارك طاحنة ومن خلال مؤامرات إبادة مرسومة سلفاً في مقرات الاستخبارات الغربية العنصرية المنحازة للصهيونية، فهي مسألة فيها نظر!لماذا تنحدر قيمة الدم العربي لمستويات هابطة في بورصة الصراعات العالمية؟ ولماذا تكون قيمة شعب بأكمله تعادل عند الغرب، قيمة فرد يحمل الجواز الأمريكي أو البريطاني أو الفرنسي؟ أليست هذه المسألة تنطوي على الكثير من المفاهيم السياسية السلبية والتي تدفع باتجاه العنصرية والكراهية؟ أليس هذا انحيازاً واضحاً للغرب وعداء أكثر وضوحاً للشرق؟ هل تعتبر هذه الجرائم التي ترتكب في حق الشعوب الطامحة للكرامة، هي ذاتها الديمقراطية المزيفة التي يبشر بها الغرب في أوطاننا المسلوبة والتي لا تساوي عندهم فرد حذاء؟ اليوم لا يفكر الغرب في حل الأزمة الليبية ولا المصرية ولا السورية ولا التونسية، بل كل ما يفكر فيه هو كيف يجلي رعاياه وجواسيسه من البلدان العربية المحروقة، عبر أكثر الطرق أمناً وسلاماً، أما فكرة احترام الشعوب فإنها تقع في آخر أجنداته وبرامجه نحو التغيير ونشر الحرية والديمقراطية، هذا إن كنا في أجندته أصلاً؛ هذا هو الواقع المر؛ إنه الكيل بمكيالين.
Opinion
مسألة فيها نظر
30 مايو 2014