لعبة فقدان الثقة هي تلك اللعبة التي يعيشها البحرينيون يومياً بشكل لا إرادي، ولا يفقهون نتائجها وإن كانت تحقق لهم رغبة داخلية لإظهار التذمر والسخط باسم حرية التعبير والرأي. من أكثر المواضيع التي كتبت حولها منذ الأزمة الأخيرة بعد قضية الأمريكان طبعاً هي لعبة الثقة التي تعد الأخطر على النظام السياسي البحريني، لأنها باتت أداة لزعزعة الثقة بين كافة مكونات المجتمع تجاه بعضها بعضاً من جهة، وبين مكونات المجتمع والدولة من جهة أخرى. خطورة فقدان الثقة ليست فيما يمكن أن يترتب عليه لاحقاً فحسب، بل الأخطر هو في كيفية إعادة هذه الثقة التي تحتاج فترة زمنية طويلة حتى تعود بشكل مقصود ومخطط له، أو بشكل غير مقصود وغير مخطط له. ويمكن ملاحظة ذلك أن الثقة لم تعد تماماً بعد الأزمة الأخيرة بين مختلف المكونات وإن كانت موجودة فهي شكلية، ومن الصعوبة بمكان إعادتها سريعاً وإن كانت هناك جهود ضخمة، لأنها مرتبطة بثقافة الرأي العام واتجاهاته وقناعاته التي لا تتبدل عادة سريعاً. والسؤال هنا؛ من الذي يمارس لعبة فقدان الثقة؟ هل هي أطراف محلية؟ أم خارجية؟ أم أنها عملية فوضوية لا يمكن التحكم بها وتحدث كالحلقة المفقودة؟لا توجد إجابات قاطعة عن هذا السؤال، ولكن هناك أطراف محلية وخارجية تعمل كالحلقة المفقودة وتؤدي إلى إحداث لعبة فقدان الثقة. محلياً، يمكن ملاحظة تزايد هذه اللعبة عندما تحدث مواقف معينة يتوافق فيها الرأي العام مع الحكومة في قضية ما، كما حدث مؤخراً عندما صدر قرار بزيادة العلاوة الاجتماعية لموظفات القطاع العام، أو حدث عندما أيّد الرأي العام البحريني قرار السلطة القضائية بحل وتصفية المجلس العلمائي. في مثل هذه الأوقات تظهر الكثير من الأخبار عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أو حتى عبر الإعلام الإلكتروني والتقليدي في الخارج، ويكون هدفها إثارة اللغط والسخط بين الرأي العام فتكون نتيجته تبادل الاتهامات والشكوك لتظهر لدينا التصريحات هنا وهناك، وتصدر البيانات من بعض الجماعات والجمعيات السياسية رغم أنها جميعاً مبنية على معلومات مغلوطة!دوران لعبة فقدان الثقة يبدأ عندما يصل المجتمع إلى حالة من الهدوء والتوافق العام تجاه بعض القضايا، فتظهر المعلومات المغلوطة ليدخل المجتمع في مرحلة الشك وتبادل الاتهامات، ثم تتحول إلى قناعات خاطئة قائمة على فقدان الثقة تدريجياً.أطراف متعددة تجيد لعبة فقدان الثقة، وترى أن ذلك من مصلحتها، وبلا شك أنه من مصلحتها، ولكن ما هو المطلوب من الدولة أن تقوم به لمنع هذه العملية الخطرة التي بتنا نعاني منها منذ نحو سنوات ثلاث؟