هل أصبحت الدراسات العليا ضرورة ملحة في وطني؟ أم أنها والشهادات الجامعية أصبحت كلها مجرد «برستيج» وعنصراً من عناصر «الكشخة» المعاصرة؟ هل تحتاج البحرين لكل هذا الكم الهائل من الخريجين الجامعيين؟ وهل تستوعب سوق العمل هذا الفائض الهائل منهم؟ وهل كل من حصل على شهادة جامعية عليا في مجالٍ ما، يمكن أن يحصل في المقابل على وظيفة في السوق البحرينية، تناسب تلك الشهادة؟ وهل يدرك شبابنا وشاباتنا كم يتخرَّج منهم كل عام من جامعاتنا المحلية والجامعات الأجنبية؟أصبحت الشهادة الجامعية من أبرز مقومات الشخصية الشابة في البحرين، وربما أصبحت الاستفادة من الشهادات العليا عند الزواج حينما يتقدم الشاب لطلب يد حبيبته من أهلها، أهم من الاستفادة منها عند البحث على وظيفة، كما أصبحت شهادة الماجستير والدكتوراه من مقومات الشخصية «الرزة» في المجتمع، أكثر من كونها حالة علمية أو عملية فاعلة في سوق العمل!!إن إيمان المجتمع البحريني المفرط في الجامعات والجامعيين، جعل الشباب البحريني ملزماً أن يكمل دراسته الجامعية، حتى ولو كانت لديه العديد من الفرص التي تتلاءم وإبداعاته ومواهبه ورغباته العملية والذاتية في سوق العمل، وعلى إثر هذا الوعي المنقوص، ضحى الكثيرون من شبابنا بمستقبلهم المهني في سبيل إرضاء المجتمع، لأجل الحصول على شهادة جامعية ربما أجلستهم في منازلهم كعاطلين عن العمل، لأكثر من خمسة أعوام.نحن هنا لا نقلل من الشهادات الجامعية ولا نطالب بعدم توجه الشباب للدراسات العليا، لكننا نريد أن نقول وبطريقة موضوعية، ليست كل الشهادات نافعة في سوق العمل، كما إنه ليس بالضرورة، أن يكون الشاب الجامعي أكثر ذكاءً من شاب أكمل مشواره المهني في سوق العمل، فحصل على فرص كبيرة أهلته لأن يكون رقماً صعباً بين التجار الكبار، على الرغم من كونه حديث عهد بالسوق، كما يدلل هذا الأمر، أن الشهادة الجامعية ليست شرطاً للنجاح، كما إنها ليست «جواز» عبور لسوق العمل أو حتى لوظيفة صغيرة.نحن نطالب شبابنا وشاباتنا أن يتوجهوا لسوق العمل أكثر من أن يتوجهوا للدراسات العليا فقط، فالشهادة ليست كل شيء، كما إن التجارة المربحة تتطلب شخصية ناجحة ومدركة لطبيعة السوق، أكثر من شخصية جامعية مهما كان وزن شهاداتها، لكن شبابنا يحاولون إرضاء المجتمع أكثر من السير في طريق قناعاتهم الشخصية التي تتناسب والواقع المهني.نؤكد مرة أخرى، أننا لسنا ضد الشهادة الجامعية ولن نكون ضد الجامعيين، لكن ما نحب أن نؤكده هنا، أن على شبابنا البحريني أن يتوجه إلى السوق وإلى المشاريع التجارية الناجحة في هذه المرحلة، أكثر من أن يتوجهوا لجمع الشهادات الجامعية والدورات التدريبية ليضعوها في ملف في رفوف منازلهم، كما على شبابنا أن يطوِّروا من مهارتهم الشخصية والقيادية الناجحة، وأن ينفتحوا على سوق العمل التي تحتوي على آلاف الفرص الجيدة، بدلاً من السعي للحصول على شهادة جامعية لا تحتاجها أصغر شركة في البحرين، وهذا يتطلب جرأة من شبابنا وخروجاً عن النص الذي يكتبه المجتمع المشحون بأوهام الشهادات الجامعية فقط دون سواها، أما الحديث النبوي فقد قال «تسعة أعشار الرزق في التجارة».