أن تصبح قبل يوم من احتفالات البلاد بالعيد الوطني المجيد على خبر عاجل مفاده أن «عملاً تخريبياً تم في شارع رئيس تسبب في تصادم مجموعة من السيارات وإصابة سيدة حامل»، وعلى أخبار أخرى مشابهة يعتبرها منفذوها بطولات؛ فهذا يعني أن هناك من لا يزال لا يعطيك أي اعتبار ولا يعترف بك ويريد أن يقتل كل فرحة تعيشها وكل لحظة يمكن أن توفر لك ذكرى جميلة. ويعني أيضاً أن اليوم الثلاثاء السابع عشر من ديسمبر -باعتبار أن يوم أمس قضوه في التسخين لهذا اليوم الذي أعطوه تسمية أخرى- سيشهد العديد من الأعمال التخريبية وسيتسبب في كثير من الأذى لكثير من الناس، خصوصاً أنهم قد سنوا أسنانهم لهذا اليوم وتوعدوا وأزبدوا كثيراً، وهو يعني كذلك أن واجب رجال الأمن اليوم هو العمل على توفير الأمن لكل المحتفلين بهذه المناسبة السعيدة. ما يقوم به أولئك منذ زمن، ولا يزالون مستمرين فيه، يؤكد أنهم لا علاقة لهم بالعمل السياسي، ولا يعرفون في هذا المجال «كوعهم من بوعهم»، فللعمل السياسي أصول وقواعد وآداب ينبغي مراعاتها. ترى ما الذي يمكن أن يجنيه هؤلاء من أعمالهم التخريبية هذه غير الحقد عليهم وتوسيع الهوة بينهم وبين الآخرين من شركائهم في الوطن وتعميق الجراح؟ أي مكاسب يمكن أن يحققوها بأفعالهم هذه التي لا يمكن وصفها إلا بأنها أفعال مراهقين؟ هذه الأسئلة لا توجه إلى هؤلاء لأنهم لن يفهموها ولن يفهمها كذلك من يقف وراءهم ويحركهم بخيوط يمسكها بيده، ولكن توجه إلى الجمعيات السياسية التي يفترض أن يكون لها دور على الأقل في هذا اليوم الذي سبق أن اقترحت هي نفسها أن تقام «مناسبته» في يوم آخر من أيام السنة، ما يعني أنها من الأساس غير مقتنعة في أن يكون اليوم هو يوم «الشهداء»، كما يريدون له، ويعني أنها لا تقبل أن يفرض عليها رأي مجموعة اعتبرت نفسها الوحيدة في الساحة وأنها تقود «المعارضة» وتتحكم فيها. كان الأحرى بالجمعيات السياسية أن تتخذ قراراً قبل احتفالات البلاد بالعيد الوطني تمنع بموجبه أولئك غير القادرين على قراءة الساحة بشكل صحيح ولا ينظرون إلى مستقبل الوطن والمواطنين ويتخذون من التخريب شعاراً وإماماً، تمنعهم من القيام بهذه الأعمال في يومي فرحة الوطن على الأقل، فتكسب نقطة بيضاء تفيدها وتفيدهم «ويكسرون بها عين الحكومة» في يوم قد يكون صعباً عليها وعليهم.ليس من الذوق ولا الأخلاق أن يعمد هؤلاء إلى تخريب هذه المناسبة العزيزة على قلب كل مواطن، وليس من الكياسة «اختطاف» هذه المناسبة واعتبارها صيداً يمكن أن تحرج به الحكومة، فهناك من المناسبات الكثير التي يمكن للحكومة أن تعتبرها صيدا لولا أنها لا تقبل على نفسها أن تسير في هذا الدرب. كنت قد كتبت قبل يومين عن سر الإصرار على قتل الفرحة في هذا اليوم، وتوصلت إلى نتيجة مفادها أن هذه المجموعة تقوم بالتحضير لقتيل جديد ليكون وقودا يوفر لها الطاقة اللازمة لتواصل الطريق الذي ورطت نفسها فيه. أحد القراء أرسل لي «واتسبة» قال فيها «إن الإصرار على سقوط قتيل جديد في يوم 17 ديسمبر هو للمتاجرة في دمه، وأنه على الأغلب سيكون طفلاً أو شاباً في مقتبل العمر، واستعماله إعلامياً والتباكي عليه كم يوم.. ونسيانه». المؤسف أن تحليل القارئ صحيح، ذلك أن سقوط قتيل في هذا اليوم صار هدفاً، والأكيد أن هذه المجموعة ستعتبر سقوطه معياراً لنجاحها، فمن دون هذا تكون قد فشلت. تهنئة من الأعماق لجلالة الملك في يوم توليه مقاليد الحكم في البلاد.