ليس غريباً موقف البحرين الداعم من مشروع الاتحاد الخليجي الذي أطلقه العاهل السعودي قبل عامين، ولكن الجديد في الموضوع أن جلالته أكد الموقف النهائي للمملكة من هذا المشروع الطموح.توقيت إعلان موقف البحرين مهم للغاية، لأنه جاء بعد القمة الخليجية مباشرة، وجاء تزامناً مع احتفالات البلاد بالعيد الوطني التي اختلفت هذا العام بإضفاء البعد التاريخي، حيث صارت المناسبة الوطنية استذكاراً لتأسيس الدولة البحرينية الحديثة من قبل المؤسس الأول الشيخ الراحل أحمد الفاتح في العام 1783م. التوقيت جاء ليحسم مواقف بعض الدول الخليجية التي لم تبد تعليقاً حتى الآن على ما دار من سجال خليجي خلال حوار المنامة عندما أعلنت عمان رسمياً رفضها مشروع الاتحاد ورغبتها في الانسحاب من منظومة مجلس التعاون الخليجي في حال قيام الاتحاد.الأوضاع الخليجية الآن لا تتطلب السكوت، ولا تتطلب المناورة، وإنما تتطلب الصراحة والمكاشفة أكثر، فمن لا يرغب في الاتحاد عليه أن يكشف عن موقفه، ومن لديه وجهات نظر فعليه طرحها بصراحة، ومن يدعم هذا المشروع عليه إعلان موقفه. البحرين جاهزة لمشروع الاتحاد الخليجي، وليست جاهزة بالدراسة، والتصور العام، وإنما جاهزة بالإرادة الشعبية الداعمة لهذا المشروع، فشعب البحرين داعم ومؤيد للاتحاد، وهناك تأييد قوي من قبل ممثلي الشعب في السلطة التشريعية للانتقال من مرحلة التكامل إلى مرحلة الاتحاد. حالياً تدرك شعوب الخليج أن هناك خلافات واسعة بشأن مشروع الاتحاد من بعض الأطراف ذات العلاقة في المنظومة الخليجية، أو من بعض الأطراف الإقليمية مثل إيران وغيرها التي لا ترى في اتحاد دول الخليج أي مصلحة لها. كما إن بعض الأطراف الدولية تتفق مع هذا المنحى، ومن الممكن أن ترى مشروع الاتحاد في غير مصلحتها. وبالتالـــــي القناعـــــة الشعبيــــة الخليجية أن استمرار الخلافات لا يخدم مشروع الاتحاد، ولا يخدم المصلحة الخليجية العليا التي مازالت غير معرّفة حتى الآن.السؤال الأهم هنا؛ ما هو السيناريو الأنسب في حالة استمرار هذه الخلافات لفترة طويلة زمنياً لضمان تنفيذ مشروع الاتحاد؟ لو بادرت مجموعة صغيرة من الدول الخليجية بتنفيذ مشروع الاتحاد فوراً فإنه يمكن تجاوز هذه المشكلة، وقد يكون هذا الخيار هو السيناريو الأمثل لضمان عدم تراجع الحماس لتحقيق المشروع نفسه. من المهم أن تجتمع الدول الخليجية الداعمة لمشروع الاتحاد سريعاً، وتقرر مسارها المستقبلي، والفرص والخيارات متاحة لجميع الدول الخليجية الأخرى متى ما رأت في الاتحاد مصلحة حقيقية لها.