الفرق بين التجارة والتعاون وبين المتجر العادي والمتجر التعاوني هو أن المفهوم التجاري محصور في عملية البيع والشراء ودفع قيمة السلعة المباعة في اللحظة ذاتها وبعد ذلك تنتهي العلاقة بين البائع والمشتري. أما في المفهوم التعاوني فإن العلاقة تبقى ثابتة وتتكرر كل يوم والمصلحة آمنة ومستقبلية، فردية وجماعية، اجتماعية أولاً وتجارية ثانياً، فمبدأ وسلوك « كلما اشتريت أكثر كلما حصلت على عائد أكبر» يجعل العضو - المشتري- يطمئن أنه سيسترد نسبة كبيرة من المبالغ التي دفعها نظير مشترياته من سوق جمعيته، وأن هذا لا يتحقق له إذا ما اشترى حاجياته من سوق تجارية عادية، وأن ما سيعود عليه آخر العام من مال هو بمثابة توفير له يمكنه الاستفادة منه في تحسين مستوى معيشته أو تسديد التزامات أخرى عليه. وهذا هو الشق الاجتماعي أو المبدأ الاجتماعي الذي يتحقق من التعاون فقط ولا يتحقق من التعامل مع الأسواق التجارية، والهدف الثالث الذي يتحقق من وجود الجمعيات ومن ثم الأسواق التعاونية الاستهلاكية وتزايد أعدادها في البلاد هو أن هذه الأسواق تحرص على بيع سلعها بهامش ربح قليل، وأن التأكد من ذلك هو مهمة لجنة المراقبة المنتخبة من الجمعية العمومية للجمعية والتي عليها أن تقدم تقريراً بذلك لاجتماعها السنوي، وأن قيام الأسواق التعاونية بالبيع بهامش ربح قليل يدفع الأسواق التجارية المنافسة في المنطقة والبلاد إلى تخفيض أسعار سلعها إلى نفس المستوى الذي تبيع به الأسواق التعاونية ومن ثم يتحقق هدف تخفيض الأسعار. من هذا الجانب فإن الأسواق التجارية التي تعمل دائماً على البيع بهامش ربح أعلى فإنها تقوم بمحاربة الأسواق التعاونية وإفشالها أو إرغامها على البيع بالسعر الأعلى الذي تبيع هي به، وهذا يحصل من تحكم تجار الجملة المستوردين للسلع من الخارج، تحكمهم في البيع على الأسواق التعاونية بالسعر الذي يريدون، ومن انتشار الأسواق التجارية في محيط الأسواق التعاونية ومن ثم محاصرتها في البيع بأسعار متقاربة وفي اقتناص الزبائن المستهلكين. ومن هنا يأتي الشراء الموحد لكافة أو معظم السلع الاستهلاكية من الخارج وبكميات كبيرة تغطى احتياجات الجمعيات التعاونية الأعضاء في الاتحاد التعاوني المنظم والمشرف على الشراء الموحد، يأتي ذلك لمجابهة تحكم التجار المستوردين المتحكمين بأسعار السلع وهامش الربح، وأنه بدون قدرة الجمعيات التعاونية على الشراء الموحد وتخفيض هامش الربح فإنها ستواجه حرب إفشال من التجار أدت حتى الآن إلى إغلاق أسواق كل الجمعيات التعاونية ما عدا جمعية الحد التعاونية.