الخبـر يقول -ولربما لم ينتبه له الكثيــر لأنه في الصفحات الاقتصادية- بأن الاستثمارات التي استقطبها مجلس التنمية الاقتصادية في عام 2013 بلغت في إجماليها 114 مليون دولار بزيادة 12% عن عام 2012، كما أن هناك 35 شركة دولية أنشأت لها مقار في المملكة العام الماضي.المعلومات هذه تقود للقول بأن هذا تحرك إيجابي للأمام بشأن الوضع الاقتصادي، ورغم أن الرقم ضئيل مقارنة بما تعلنه دول المنطقة من إيرادات نتيجة الاستثمار تصل للبلاييــن، الا أن شيئاً باتجاه الأمــام أفضل من لا شيء بل أفضل من بقاء الحال على ماهو عليه أو خسارة المزيد من الاستثمارات الهاربة نتيجة انعدام الاستقرار الأمني.الفكرة هنا ليست معنية بالاستثمار والأرقام بقدر ما هي معنية بتفاعل الناس مع هذه الأخبار، معني بنسبة اهتمامهم بها وإقامتهم لها وزن وقيمة.الناس لا تتفاعل على الإطلاق مع شيء لا يمسها مباشرة ولا يغير من واقعها ولا يلامس همومها، هذه قاعدة ثابتة ولها شواهد عديدة.على سبيل المثال وهو أبلغ الأمثلة اليوم، الحراك البرلماني الذي بات الناس يتفاعلون معه لكن بالسلب لا الإيجاب، ولهم كامل الحق في ذلك، إذ هم يرون وعلى امتداد 12عاماً بأن هذا الحراك لم يلامس همومهم ولم يغير من واقعهم رغم أن الشعارات الانتخابية النيابية كلها مبنية ومنبثقة من مطالباتهم وتطلعاتهم.وعليه فإن القياس واحد اليوم، أي حراك لا يرتبط بالناس ولا يركز في نتيجته عليهم وعلى تغيير واقعهم لا يعيرونه اهتماماً ولن يقدروه حتى وإن كان شيئاً مهماً وله قيمة عالية.بالتالي حينما نتحدث عن إيرادات وعن دخول استثمارات وعن مبالغ متدفقة على الاقتصاد، فإن المواطن العادي لا يهتم بها بل يمكن أن يقلل من شأنها لأنها وبكل بساطة لن تعنيه من قريب أو بعيد. تذكروا طفرة النفط في سنوات سابقة وهل انعكس ذلك على المواطن؟! الجواب «لا»، بالتالي لا تفرق مع المواطن إن وصل حاجز سعر البرميل لسقف قياسي أو تدنى لمستوى يكون فيه الماء أغلى منه، لأنه ليس مستفيداً مباشرة في كلا الحالتين؟! ومن سيقلل من شأن رأي المواطن هنا ويعتبر ذلك «تخرصات» أو جهل بتفاصيل دقيقة في مواضيع متخصصة، فهو يرتكب خطأ كبيراً؛ فالدولة نفسها تقول بأن المواطن هو محور الاهتمام وأن أي حراك -مهما كان- يجب أن يكون ملتصقاً بالمواطن بأي حال من الأحوال، فهل هذا هو الواقع المعاش والملوس؟! نترك الإجابة لكم.زبدة القول هنا بأنه لجعل المواطن يقدر ما يحصل -وهي عملية صعبة وشاقة جداً- يجب أن يحس بالفرق وبصورة واضحة مع أي تطور أو إنجاز، وإن لم يحصل ذلك فمن حقه التعليق على خبر مثل الذي أوردناه أعلاه بالقول: إيرادات على الدولة، طيب أين انعكاسها لتكون إيرادات على حياة المواطن، بالفعل الملموس لا بالكلام المطرز؟! حينما نهتم بهذا المواطن ونجعله بالفعل محور كل شيء، حينها سنجد بالضرورة تقدير المواطن لأي عمل أو حراك، وهو ما يحول كل هذا إلى إنجازات.