إن كان من كلام واقعي وعقلاني يصف عملية الإصلاح في البحرين (أو ربما الإصلاح بشكل عام)، فإن ما قاله سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد حفظه الله كان توصفياً دقيقاً لعملية الإصلاح، حيث قال سموه: «إن عملية الإصلاح عملية مستمرة ذات محطات متعددة ومتدرجة، ولا يمكن اعتبارها وجهة نهائية وحسب».أغلب التجارب الراسخة والثابتة والمتطورة في المجتمعات الغربية انتهجت الخطوات المتدرجة التي تأخذ وقتاً كافياً بين مرحلة وأخرى، لا توجد دولة تريد أن تحقق إصلاحاً مستمراً وثابتاً، إلا وتنهج الإصلاح التدريجي بعيداً عن القفزات غير المحسوبة العواقب أو التي تأتي بعد فترة انتكاسات قوية. وهذا ما نحتاجه هنا في البحرين، حتى إن كان الطموح أكبر مما نشاهد ونعايش في عمليتنا الديمقراطية، إلا أن التدرج والخطوات الثابتة هي التي نحتاج إليها اليوم.حين استضافت البحرين «حوار المنامة»، فإن المكاسب للدولة البحرينية والشعب البحريني أكبر من مجرد مؤتمر للخطابات الرؤى والأفكار والتحاور، البحرين حققت مكاسب أكبر من ذلك حين استضافت نخبة من صناع القرار في عواصم كثيرة حول العالم، وهذا يظهر مكانة البحرين على المستوى العالمي، والثقة في الدولة البحرينية.أذهب إلى تأييد مقولة أن ليس كل ما يقال من تصريحات في العلن أو فوق المنصات هي تصريحات حقيقية وواقعية، حتى إن كانت من دول عظمى، فلدى المتلقي عقل، ولديه تمييز ولديه شواهد ووقائع. نعم هناك كلام ناعم ومخملي ويدغدغ شعوب المنطقة، إلا أنه ليس بالضرورة واقعي، أو حقيقي، قد يكون غطاءً لأفعال قادمة.تصريحات وزير خارجية بريطانيا عقلانية ويمكن تصديقها أكثر من تصريحات أخرى، على خلفية أن موقف الأنجليز كان أكثر وضوحاً وثباتاً من غيرهم، رغم استضافتهم في لندن أصوات الفتنة والإرهاب، والتي دائماً ما تلعب بريطانيا بهذه اللعبة للمساومات، ورغم كل ذلك فإن الموقف البريطاني أكثر وضوحاً في الفترة الأخيرة. أكثر التصريحات التي أحدثت ضجة كانت تصريحات وزير الخارجية العماني الأخ يوسف بن علوي، فقد قال كلاماً ربما أزعج به الخليجيين، أو أزعج به دولاً تدعم قيام الاتحاد الخليجي، إلا أنه قال إن عُمان ليست مع قيام اتحاد خليجي، وإن حدث سوف تنسحب عُمان من مجلس التعاون، أو كما قال.حتى إن انزعجنا من تصريحات وزير خارجية عُمان من قيام الاتحاد الخليجي، إلا أني احترم عمان ووزير خارجيتها، فقد واجه الجميع بموقف بلاده، وهو موقف سيادي خاص بعمان وبشعبها، ولا أحد يتدخل في القرار السيادي العماني، إلا أن عمان كانت واضحة، ولم تمتلك خطابين من الاتحاد الخليجي، وهذا يجعلنا نحترم القرار العماني.إن كانت دول الخليج الخمس جادة في الاتحاد الخليجي، فإن عليها أن تمضي باتجاه الاتحاد بخطوات ثابتة وراسخة، نقدر رأي العمانيين، لكن المخاطر كثيرة، والعالم لا يعترف إلا بالقوي، ولا يعترف إلا بالكتل الكبيرة، لذلك إن كانت -كما يقال- هناك أربع دول خليجية مع الاتحاد، فليكن، وقد يلحق بالاتحاد المتردد، أو الذي لديه تحفظات، إلا أن مسيرة الاتحاد يجب أن تكون جادة وقوية وتضع أسس صحيحة لهذا الاتحاد.من الواضح أن هناك من الدول الكبيرة من يصرح من أجل أن يعمل غطاءً على ما يفعل، أو من أجل تخدير شعوب ودول، إلا أن ما يقال في الغرف المغلقة أمر آخر تماماً، وما يقال في غرف وضع السياسات في تلك الدول شيء مختلف تماما، لا ينبغي أن نصدق كل ما يقوله وزراء دول عظمى، هؤلاء يتغيرون كما يتغير خطاب الرئيس أوباما بين فترة وأخرى من النقد الشرس، إلى الإشادة القوية، فالمسألة مسألة مصالح دول، والنفط لم يعد أهم السلع عند الدول الكبرى، مع وجود حلول لديها للاستغناء عن نفط الخليج.من هنا نقول، نحترم القرار العماني، إلا أن الاتحاد الخليجي بات ضرورة ملحة، لمواجهة الأخطار والأطماع، ولمواجهة أيادي الإرهاب الدخيلة على مجتمعاتنا.شعرنا لوهلة أن دول الخليج تمتلك خطابين تجاه طهران التي تحتل جزراً إماراتية، وتؤجج الأوضاع بالبحرين واليمن والسعودية، «ظريف» قام بزيارة عدة دول خليجية، والبحرين وجهت دعوة لطهران لحضور حوار المنامة.نشعر كمواطنين أننا لا نفهم شيئاً، هل طهران تتآمر علينا، أم أنها صديقة، لماذا كلما تقلبت السياسة الإيرانية يصدقها البعض، بينما أغلبنا يعرف أن من يصدق إيران وتعهدات إيران، كمن يصدق الشيطان.