لا أعلم، هل تابع كل العرب مثلي افتتاح أعمال القمة العربية الخامسة والعشرين في الكويت الشقيقة؟ وما هي انطباعاتهم الأولية حول القمة العربية؟ وهل يتوقعون أن تخرج بشيء لافت جديد؟ أم ستظل كأي قمة عربية أخرى، حيث ستخرج في محصلتها المليئة بالمجاملات وأطنان من التوصيات، بلا شيء يذكر؟لا أستطيع أن أحدد مدى تكرار بعض الكلمات في القمة العربية، فكلمات مثل «نتمنى، نشكر، نطالب، نستنكر» كانت هي المفردات الرئيسة والمسيطرة على الخطابات العامة للجلسة الافتتاحية، بينما العرب يعيشون أبشع فصول التيه العربي في هذه المرحلة الحساسة من تاريخهم، والتي تتطلب منهم موقفاً عملياً لا كلامياً كبقية المؤتمرات السابقة.كنا نتمنى أيضاً «في سياق تمنيات العرب في قمة الكويت» أن يصطلح البيت العربي من الداخل، قبل الحديث عن قضايا «وإن كانت مهمة ومصيرية»، إلا أنها أكبر من أن تطرح في أجواء خلافات حادة بين الإخوة الأعداء، إذ كان من المفترض أن يذهب العرب كل العرب إلى القمة العربية، وهم»سمن على عسل»، قبل أن يجلسوا وفيما بينهم الكثير من الخلافات الدولية والإقليمية التي لم يستطيعوا حلها بطريقة أخوية وودية.الكثير من القادة العرب لم يحضروا القمة العربية، بل أرسلوا لهم ممثلين عنهم. ربما نتلمس لبعضهم العذر في عدم الحضور، لكن بكل تأكيد، ليس كل من تخلف من القادة عن القمة العربية، كان معذوراً، فحضور قادة الدول العربية للقمة الكويتية وفي هذه المرحلة الخطيرة جداً من تاريخ الأمة العربية، سيسهم بشكل لافت في تخفيف الضغط والتوترات الحاصلة داخل البيت العربي، إن لم يكن حضورهم يمثل حلاً لكثير من القضايا التي تحتاج فيها القمة إلى المصارحة قبل المجاملة، وإلى جرعات هائلة من الشفافية بين الرؤساء والقادة.إذا فشلت القمة العربية هذه المرة، فلن تنجح أية قمة عربية قادمة، لأن ما تمر به أوطاننا العربية المنهكة بإرث الثورات الشرعية منها وغير الشرعية، والتغيرات الخطيرة للواقع العربي، كل ذلك كفيل أن يجعل العرب يراجعون حساباتهم ومواقفهم من بعضهم بعضاً، وأن يقدموا مصلحة الشعوب العربية على المصالح القُطرية لكل دولة من الدول العربية، فالعالم العربي لا يتحمل المزيد من الضغط، أما الشعوب فإنها أُنهكت بما فيه الكفاية، هذا إذا لم تكن هي وليس غيرها، من سيدفع فاتورة الخلافات العربية في نهاية السباق.لن نتمنى هذه المرة كبقية المرات السابقة، بل من حقنا كشعوب أن نطالب الزعماء العرب بترتيب البيت العربي، وإصلاح خلافاتهم في ما بينهم، لأنه حين يختلف الرؤساء، فإن الشعوب ستختلف من قاعدة «الناس على دين ملوكهم». اللهم أصلح حالهم ليصلح حالنا.
Opinion
القمة العربية بين الألم والأمل
27 مارس 2014