صورة لمتاريس ترابية وأكوام من الحجارة نُشرت أخيراً في الصفحة الأولى من إحدى الصحف المحلية مرفق بها خبر ملخصه أن أهالي قرية العكر يعانون من إغلاق الجهات الأمنية كل مداخل القرية ومنافذها بهذه المواد.. «الأمر الذي أدى إلى تعطل مصالح الأهالي وعرقلة دخولهم وخروجهم من القرية». وحسب الخبر، الذي لم يتضمن رأي الجهات الأمنية، فإن الأهالي يقولون إن معاناتهم هذه ليست جديدة، ويتهمون وزارة الداخلية بممارسة العقاب الجماعي على أهالي القرية. الصورة والخبر تناولا النتيجة، لكنهما أهملا السبب والتفاصيل ورمياً إلى كسب التعاطف واتخاذ موقف من الجهات الأمنية، والقول إنها تمارس صوراً من الظلم على أهل القرية الأبرياء الذين صاروا لا يهنئون بحياتهم التي تأثرت نتيجة هذا الوضع. لكن الداخل إلى؛ حيث التفاصيل والأسباب التي أدت إلى وصول القرية إلى هذه الحال يتغير موقفه في الحال. فإذا عرف السبب بطل العجب.بداية ينبغي التأكيد على أن الإجراءات الأمنية لا تخص هذه القرية فقط، فحسب تصريحات المسؤولين الأمنيين؛ هناك قرى أخرى يتم وضع نقاط ضبط وسيطرة عليها بسبب ظروف الحالة الأمنية فيها، كما ينبغي التأكيد على أن هذا الوضع مؤقت وليس دائماً. ليس لائقاً تكذيب الأهالي والتشكيك في كلامهم من أن الجهات الأمنية هي التي أتت بجرافة «ضخمة» وقامت بإغلاق مداخل القرية ومنافذها بالمتاريس الترابية وأكوام من الحجارة -كما جاء في الخبر-، لكن من المفيد بيان أن «أبطال الميادين» المنتمين إلى القرية هم أيضاً يقومون بوضع هذه المواد وغيرها في مداخل القرية ومخارجها. ليس في قرية العكر وحدها ولكن في كل القرى التي تشهد أعمال شغب وفوضى وتدخل في مواجهات مع رجال الأمن. جولة سريعة في بعض القرى يتأكد معها هذه المعلومة.ولكن؛ لماذا يحق لهؤلاء الذين يمارسون أعمال الفوضى والتخريب إغلاق مداخل ومنافذ القرية ولا يحق للجهات الأمنية القيام بذلك، خصوصاً وأن هدف الأخيرة هو ضبط الأمن وليس الإخلال به؟ ثم هل من المنطق أن يحتج الأهالي على «المتاريس الأمنية» ولا يحتجون على من كان السبب في وصولهم إلى هذه الحال ولايزال يمارس فنون الشغب كلها في القرية ويضع متاريسه من دون أن يعني له أهلها أي شيء؟ ما صار في هذه القرية، وربما قرى أخرى غيرها، سببه ما يقوم به أبناؤها، وليس من المقبول أبداً مناقشة النتيجة وتجاهل السبب. ترى لو أن هذه القرية لم يكن فيها ما يهدد الأمن العام ويتسبب في الإضرار بالأهالي وحرمانهم من الشعور بالأمان، هل كان يمكن أن يحدث معها ما جعل بعض أهاليها يرفعون صوتهم بالشكوى؟ ثم لماذا نعتبر أن وضع هذه السواتر الهادفة إلى التحكم في الوضع وإحلال الأمن لحماية من لا علاقة له بأعمال الفوضى والتخريب عقاباً جماعياً ولا نعتبر ما يقوم به أبناء القرية من عمليات اختطاف للشوارع وإرهاب الناس وتعريض حياتهم للخطر عقاباً جماعياً؟ لماذا يصفق الأهالي لمثل هذه العمليات التي يقوم بها أبناؤهم ويحيونهم فرحين بدل أن يوقفونهم عند حدهم ويحاسبونهم؟ لماذا اختاروا الطريق السهل وابتعدوا عن «ساس البلى»؟ ما تقوم به الجهات الأمنية مع هذه القرية وغيرها من القرى في هذه المرحلة من ممارسات هدفها واضح وجلي وهو العمل على استتباب الأمن الذي من دونه تتأثر حياة الأهالي أنفسهم سلباً، لذا فإن الأفضل أن يقوم الأهالي بوضع حد لما يقوم به أبناؤهم بدل أن يضيعوا وقتهم في نشر الشكاوى وانتقاد الجهات الأمنية، ذلك أنه عندما يزول السبب الذي من أجله قامت الجهات الأمنية ببعض الممارسات الأمنية ستختفي تلك المتاريس وسيختفي رجال الأمن الذين سيعودون إلى مراكزهم.