عزيزتي بتلكو.. تخاطبينني في كل رسائلك بـ«عزيزي»؛ «عزيزي الزبون.. نفد رصيدك».. «عزيزي الزبون.. بلغت قيمة فاتورتك...»... «عزيزي الزبون.. عليك دفع مبلغ...».. «عزيزي الزبون..ادفع أو الويل والثبور لك».. «عزيزي الزبون.. لأنك لم تدفع فقد تم فصل الخدمة.. وروح اشرب من البحر».. فلا أقل أن أخاطبك بـ«عزيزتي» تأكيداً لمشاعر المودة القديمة المتبادلة بيننا منذ سنوات.***«تـــن تـــن».. «عزيــزي صاحــب الرقـــــم XXXXXXXX لقد اقتربت من الفوز بالجائزة الكبرى وقيمتها 50 ألف دولار.. ما عليك سوى إرسال رسالة إلى XXXX».أعلاه نص غير حرفي لرسالة وصلت إلى جميع مشتركي خدمة بتلكو في البحرين، فيها كثير من الإغراء للاشتراك في مسابقتها الكبرى للفوز بـ50 ألف دولار، عدا عن جوائز أخرى «خردة» تتراوح في الآلاف.عزيزتي بتلكو.. رسالتي لك اليوم كونك أكبر وأقدم وأعرق شركة اتصالات في البحرين وفي الخليج العربي؛ هل أنتِ بحاجة إلى هذا النوع من المسابقات «لتستغفلي» جمهور المشتركين واضعةً أمام عينيك الـ«500 فلس» قيمة الرسالة؟ مع العلم أن عدد سكان البحرين، مواطنين ومقيمين، يزيد قليلاً على المليون نسمة، ورغم ذلك لم نسمع أن أحداً قد حقق حلمه وفاز بالـ50 ألف دولار، ولم نسمع حتى بأن أحداً يعرف أحداً فاز هو أو أحد أقاربه حتى الدرجة العاشرة أو أحد جيرانه أو أنسبائه أو أصدقائه بمثل هذه الجائزة.عزيزتي بتلكو.. لست هنا بصدد الحديث عن المصداقية في الجوائز، رغم أنني يمكن أن أضع عشرات الخطوط الحمراء تحت كلمة «مصداقية»، فالجمهور لم يرَ الفائزين بتلك الجوائز لا في تلفزيون ولا في صحف، ولا حتى سمع عن أسمائهم إلا من خلال رسائلك فقط، والتي تحمل أسماءً لا نعرفها «أحمد محمود.. حسن عبدالله.. محمد سالم..».عزيزتي بتلكو.. سؤالي هو لشركة عملاقة تحقق من الأرباح ملايين الدنانير سنوياً، اللهم لا حسد، هل هناك مغزى من هذه المسابقة، التي لم يفز بها أحد، سوى «حلب» ما تبقى من فلوس قليلة في جيب المواطن؟ وهل توقفت إبداعات العاملين عندك لتحقيق مزيد من الأرباح للشركة بهذه الفكرة «العبقرية»؟عزيزتي بتلكو.. أنت شركة وطنية عملاقة، لا أحد يشك في ذلك، ولكني، وأحسب أن معي الكثيرين، يربؤون بك عن تلك الأساليب، والتي لم تقم بها حتى شركات صغيرة لا تضاهيك تاريخاً ولا حجماً.عزيزتي بتلكو.. الـ50 ألفاً نسمع بها ولا نراها، مثل عشرات السيارات التي نراها إما في النشرات الترويجية أو على مداخل المجمعات التجارية مربوطة برباط ملون، تدفع المئات، بل الآلاف، إلى تصديق أنه من الممكن في يوم من الأيام ملء الجيوب بآلاف دولاراتك، أو بركوب إحدى تلك السيارات المتعددة الألوان والأشكال والماركات.عزيزتي بتلكو.. شبعنا استغفالاً من عروض وجوائز ومسابقات ملأت الأسواق من كافة الشركات والمحلات، نسمع عنها ولا نراها.. ورق أبيض.. رغم وجود القوانين المنظمة للمسابقات والجوائــز والسحوبـــات، وحتـــى العــروض والتخفيضات، إلا أنه لايزال هناك كثير من الشركــات «تستغفــل» جمهورها، وتبيع لهم «الأوهام» و«الأحلام» دون حسيب ولا رقيب.الدور الأساسي هنا يرتبط بوزارة الصناعة والتجارة، وحماية المستهلك، والذي يبدو أنه آخر الاهتمامات، فعشرات العروض التي نراها اليوم في مختلف المحال التجارية ليست إلا فقاقيع من الهواء يشربها الجمهور بالهناء والشفاء. فأين تفعيل قوانين إلزامية الشركات بالشفافية على تلك العروض والسحوبات؟ وأيـــن الرقابــــة الحقيقيـــة علـــى الأســـواق والمجمعات والتأكد من حقيقة تلك العروض؟ وأخيراً أين الرقابة على فعلية ما ينشر في الإعلانات والنشرات ومقارنتها بما يجري في تلك الأسواق؟