حين يطلق مسلمو جمهورية أفريقيا الوسطى صرخات الاستغاثة لإنقاذهم من ميلشيات «أنتي بالاكا» المسيحية، والتي تستهدفهم بالقتل والاغتصاب وحرق المنازل والمساجد ولا أحد يسمعهم، لا تسمعهم المنظمات الحقوقية أو الإنسانية، ولا تخرج تقارير ولا تصريحات من وزراء خارجية بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا أو أمريكا، ولا يتحدث باكي مون ولا بيلاي عن وضعهم وشأنهم، ولا يطالب خوان منديز بزيارة سجونهم ولا النظر في حالة مساجينهم، كما لا تتحدث عنهم قنوات عربية ولا إسلامية ولا يخطرون على بال خطيب ولا مسؤول عربي، لأن ليس منهم مكاسب ولا خلفهم مغانم، فلكم الله يا مسلمي أفريقيا، ولكم الله يا مسلمي بورما الذين يشتركون في المأساة، حيث القتل والحرق والتهجير أمام مرأى العالم الذي لا يحرك ساكناً ولا ينطق فاهماً، وكأن الذين يذبحون طيوراً وأغناماً، بل حتى الطيور والأغنام تهب لها جمعيات الرفق بالحيوان وتطالب بحمايتها وتناشد حكوماتها.وليس غريباً أن يصمت العالم عن قتل مسلمي أفريقيا الوسطى ومسلمي بورما، فهو ساكت اليوم عن قتل الشعب السوري وقبله الشعب العراقي الذي لايزال القتل والتعذيب مستمراً بحقهما بشتى الوسائل وبما لا يتصوره العقل، لكن لا مجيب لدعوات المستغيثين كونهم مسلمين، وقتلهم فيه إبادة لروح الإسلام الصحيح والتخلص منهم هو هدف التقى عليه أعداؤهم في الشرق والغرب، والذين أشهروا سلاحهم عندما غاب الرد وغاب الدفاع عن المسلمين، فلا منظمات إسلامية تتحدث عنهم ولا أحزاب سياسية ولا دول عربية إسلامية.العكس نراه في البحرين؛ حيث هبت مؤسسات ومنظمات ومعاهد لم نسمع باسمها قط ولا ندري أين مواقعها، ودول كبرى تركت قضايا دولها وقضايا العالم الذي يسيل فيه دماء البشر كالأنهار، والسبب أن هذه الدول ومنظماتها ليس لديها معايير إنسانية ولا ضمير ولا قيم، هذه دول اتفقت على محو الأمة الإسلامية وتمزيقها.نعم؛ فإنهم يريدون أن يطفئوا نور الله، وما البحرين إلا أرض من أرض نور الله، لذلك اجتمع عليها العالم الذي ترك مذابح المسلمين بيد المسيحين والصفويين، هؤلاء الذين يذبحون المسلمين في كل مكان دون إنذارات وتحذيرات ولا تقديم إلى محاكمات ولا يسحبون إلى مجالس حقوقية، فقط اليوم تجر البحرين، البحرين التي سلطت عليها الأضواء من أوروبا وأمريكيا. فيا للعجب؛ دولة مثل البحرين فيها تنام الناس بأمان وعليها رجال أمن يحرسون كل مكان، وحكومة رشيدة تراعي كل إنسان وحاكم عينه تلاحظ وتراقب وتحاسب ويدعو إلى السلام، كل هذا لا يؤخذ بعين الاعتبار والامتنان، حتى وإن نفذت البحرين كل المعاهدات والمواثيق والتوصيات فستظل بالنسبة لهم دولة مقصرة ملومة لا تراعي حقوق إنسان ولا تقيم عدالة، بل هي دولة تنتهك الأعراف وتخل بالمواثيق، لأنها دولة تحت المنظار، ذلك المنظار الذي يظهر أنها كبش الفداء وستكون ضحية بدء خارطة الطريق للشرق الأوسط الجديد، لذلك هم اليوم يسلطوا عليها أصدقاءهم الذين توافقوا معهم منذ العهود القديمة على إبادة المسلمين وإنهاء الخلافات والحضارات العربية الإسلامية، هؤلاء الأصدقاء مازالوا لليوم موجودين في البحرين وفي كل دولة خليجية وكل قطر أفريقي وآسيوي وأينما كانت دولة إسلامية في العالم.هذه المنظمات والدول الغربية ومعهم أمريكا وإيران تحالفوا على الإبادة، وذلك حين أطلقوا يد المسيحين في أفريقيا ويد الصفويين في الدول العربية والخليجية، هؤلاء بينهم عهد قديم ولن يبدل ولن يتغير، وها هي الصور والتقارير تثبت صداقتهم الممتدة من منذ التتار، فقد كنا نقرأ التاريخ المكتوب دون صور ومشاهد وتسجيلات، وها نحن نقرأ ونشاهد الحاضر بالأشكال والألوان والذي يثبت صداقتهم وتآمرهم، لكن مع الأسف الشديد أن هذه الصداقات والمؤامرات والدلائل والبراهين لم تكن كافية للحذر والتحذير من مستقبل قادم مظلم عندما يتفق حلفاء الماضي والحاضر على إبادة المسلمين إبادة بالعلن، وذلك بعد أن شاهدوا العراق ذبح ولم يحرك في المسلمين ساكناً، وسوريا تدمر وشعبها يباد دون حراك ولا دفاع، وها هو القتل والإبادة لمسلمي أفريقيا الوسطى وبورما كما خطط له، وها هي البحرين اليوم في دائرة الخطر لتتلوها دول تأتي بعدها جملة أو واحدة تلو الأخرى.البحرين اليوم تحاول تنفيذ العهود والمواثيق والتوصيات، وحتى إن نفذتها كلها ستبقى في دائرة الخطر طالما لم تستنهض الدولة ولا دول الخليج لتستوعب أن أصدقاء وحلفاء الماضي البعيد عادوا من جديد ليقضوا على كل بلد عربي إسلامي وكل حضارة ودعوة تهدد كيانهم وتقضي على سيادتهم وتفلس خزانتهم.إنهم أعداء الله الذي يريدون أن يطفئوا نوره، وما هذه الحرب التي تشن على المسلمين، وما يحدث الآن في البحرين إلا بداية الطريق للقضاء على خلافة عربية قرر أعداؤها الإطاحة بها كما أطاحوا بخلافة الدول العثمانية التي استمرت سبعة قرون، وها هي الأسباب تتكرر من ضعف ووهن يعقبها نهاية خلافة وحضارة إن لم تستدرك هذه الأمة هذه الحقيقة قبل فوات الأوان.