أعتقد أن هناك خطأ استراتيجياً وقعنا فيه من غير أن نشعر، ربما بسبب الصدمــات المتسارعة التي مررنا بهـــا خلال السنــوات الماضيــة، والســـؤال المباشر هو: أليست دول مجلس التعاون الخليجي هي أصلاً شكل من أشكال الاتحاد؟ ألم يكن من الأفضل أن نركز على إكمال نواقص هذا المجلس بدلاً من التركيز على الانتقال من مسمى إلى مسمى آخر؟.على سبيل المثال؛ تأسيس الشرطة الخليجية أليست هي من نتاج دول مجلس التعاون؟ أليست هذه الشرطة التي هي في طور الإنشاء نتاج اتحاد جزئي بين هذه الدول؟ بل وقد يفوق ما يوجد في الاتحادات الأخرى التي تفتقد لأجهزة أمنية داخلية موحدة؟.إن الخطأ الاستراتيجي وقعنا فيه عندما حاولوا الترويج لدخول قوات سعودية إلى البحرين باطلاً، بدل القول من دخول قوات درع الجزيرة الخليجية لغرض في نفس يعقوب طبعاً، وقد سايرناهم في كذبهم وصدقناهم، الأمر الذي جعلنا نسير في فلك تأسيس ما يسمى اتحاد خليجي وهو موجود أصلاً.. وكان الأولى بنا الدخول في إنشاء الأجهزة الناقصة، بدلاً من الدخول في جدل تأسيس اتحاد وكأنه غير موجود على أسس متينة منذ عقود.إن ما يجب أن يكون الآن، هو إعطاء الزخم الإعلامي للأجهزة الخليجية التي يدرس مجلس التعاون إنشاءها، سواء العسكرية أو الاقتصادية، وإعطاؤها دوراً فعالاً على الساحة الإقليمية والدولية، لا نريد أن تتكرر مسألة دخول قوات درع الجزيرة التي استطاع الغرب وإيران الترويج بأنها قوات سعودية «احتلت البحرين»!.إن الغاية من تأسيس الاتحاد، يمكن تحقيقها بدون تأسيسه - كمسمـى – فإنشاء الشرطة الخليجية كمثال حي الآن على الساحة من شأنه أن يلعب دوراً كبيراً في المستقبل، بل إن الخطة الاستراتيجية لهذا الجهاز يمكن أن تشكل نقلة نوعية في الطوق الأمني للخليج، وهو عبارة عن تحرك خليجي كامل في أية دول، يمثل الدول المجتمعة كلها، ويرفع الحرج عن تلك الدول التي تواجه حملات كذب وتشويه. فالمجرم في البحرين يمكن أن يتم القبض عليه من قبل الشرطة الخليجية في أي بقعة من بقع الخليج ويحاكم أيضاً.لذلك، هـــذا الجهـاز مــن المنتظـــر أن يقوم بدور كبير، ويعطى زخمه وحجمه ودعمه، بل يجب أن يكون له ممثل رتبته توازي رتبة الأمين العام للمجلس مدنياً وعسكرياً، ويجب أن يقوم هذا الممثل العسكري بإجراء المحادثات والمقابلات واتخاذ القرارات التي تتفق مع سياسة دول الخليج.أضف إلى ذلك، إمكانية تطوير درع الجزيرة، أو تغيير مسماه ليتواكب مع الحدث، فمثلاً تغيير مسماه إلى وحدة الجيش الخليجي الموحد، من شأنها أن تحدث زخماً في وسائل الإعلام العالمية، يأتي ذلك بالتزامن مع قرارات تدعم هذه الوحدة وتؤطر عملها وتعين قائداً لها على غرار الأمين العام.إن هذه الأفكار لا يجب أن تؤخذ على أنها كلام صحف أو كتاب أعمدة، إن هذه الأفكار من شأنها أن تحل العديد من الإشكاليات التي كانت قد تعرضت لها دول الخليج، وتعطي قوة أكبر تواكب الحدث والأطماع الخارجية.لا بـــد من الخروج من زي العسكـــري الصامت الذي لا يتكلم ولا يتحدث، وإن تحدث بدبلوماسية بحتة، إنه لا بد من وجود العسكري السياسي الذي يقوم بدوره على أكمل وجه ويخوض في مسائل حساسة دون حرج ويأخذ مكانه على الساحة السياسية الدولية.
Opinion
«الشرطة الخليجية».. طوق أمني استراتيجي
07 يناير 2014