أثار البيان الرئاسي لمجلس الأمن بخصوص المعارك الجارية في مدينتي الفلوجة والرمادي في محافظة الأنبار غرب العراق موجة من ردود الأفعال المتباينة، فبين مؤيد فرح معتقد منح البيان الحكومة العراقية مشروعية قتال أهل الأنبار، وبين رافض مستاء معتقد ظلم البيان وخذلانه والنظر بعين واحدة للأحداث، وبين هذا وذاك جملة حقائق. عند النظر إلى نص البيان الذي تلاه الأمير رعد بن زيد «رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي»، وبعيداً عن التعليق الصحافي لمركز أنباء الأمم المتحدة، والذي سبق نص البيان، نجد أنه تألف من ثلاث عشرة فقرة، لم تكن بالكامل لصالح جهة واحدة، كما إنها لم تكن منصفة لأنها لم تستند في تركيبها إلى الصورة الحقيقية للأوضاع في الأنبار وقد تخللتها مغالطات كثيرة، كما إنها ضمت بعض الفقرات الإيجابية كالتشجيع على الاحتجاج السلمي الذي فضته الحكومة بقوة السلاح، والتأكيد على استقلال العراق وسلامته الإقليمية في إشارة ضمنية إلى رفض التدخل الإقليمي، والواقع أن البيان لم يتضمن إدانة صريحة أو ضمنية لأي طرف.ولمعرفة سبب صدور البيان بهذا الشكل لابد لنا من معرفة الطريقة التي تصدر بها البيانات الرئاسية لمجلس الأمن، هذا المجلس الذي يجتمع بشكل يومي للنظر في الأحداث الجارية في العالم، تصدر البيانات بالتوافق بين الأعضاء، ويمكن لأي دولة من الدول الـ15 الأعضاء إعاقة البيان، ويصدر البيان بناء على تحرك الدولة العضو في الأمم المتحدة التي تتعرض لحدث ما، وقد تحركت الحكومة العراقية لإصدار بيان رئاسي للحصول على إدانة دولية لخصمها في المعركة مستغلة الدعم الأمريكي الذي حظيت به ووجود مصالح اقتصادية بينها وبين روسيا والصين، وقدمت مسودة لهذا البيان لمجلس الأمن، لكن من الواضح جداً أن المسودة خضعت لتعديل وتغيير، وبالتأكيد جاء التغيير من قبل بريطانيا وفرنسا اللتين تعتقدان بوجود انتهاكات للمدنيين وقصف عشوائي، وأرى ظهور القرار بهذا الشكل أمراً طبيعياً فالقصة يعرضها طرف واحد، فيما ينشغل سياسيو الطرف الآخر بتصريحات واستعراضات للاستهلاك المحلي ويهونون من طبيعة الموقف ولا يتكلف أحدهم نقل الصورة التي يراها أبناء المحافظة إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن، ومع ذلك أعتقد أن البيان لم يصدر بالصيغة التي سعت إليها الحكومة العراقية ليشكل مكسباً دولياً طالما حلمت به.ولابد لنا من معرفة وزن هذا البيان وقيمته القانونية فهو بيان رئاسي على خلاف ما يروج له البعض من أنه قرار لمجلس الأمن، والبيان غير ملزم لجهة معينة كالقرار ولا يترتب عليه شيء سوى حفظه في أرشيف مجلس الإمن، كما إنه لا يمنح الحكومة العراقية الشرعية القانونية والدولية للاستمرار في حربها ضد أهل الأنبار وتوسيع هذه الحرب.لا يستحق البيان كل هذا الفرح من مؤيديه، كما إنه لا يستدعي كل هذا الاستياء من رافضيه، فهو لم يشرعن الحرب لطرف ولم يدن الطرف الآخر.