حتى تعالج أي مشكلة، يجب أولاً الاعتراف بوجود المشكلة أصلاً، لكن أيضاً، حينما نضع حلولاً لحل المشكلة بدون الوقوف على أسبابها فإن المشكلة ستظل موجودة، بل ستتفاقم إلى درجة خطيرة.هذه المعادلة تنطبق على حالات الاستهتار الإداري المالي والتي لا توصيف لها إلا وصف «الفساد».الاعتراف بوجود المشكلة موجود، والدليل هو عشرة تقارير ضخمة الحجم لديوان الرقابة المالية على امتداد عشرة أعوام، لكن الخلل هنا يتمثل في مسألتين أخريين تترتبان على الاعتراف بما يتضمنه التقرير، الاعتراف بمن هم أسباب المشكلة وتحديدهم، ومن ثم اتخاذ الإجراء المطلوب بحقهم.حتى الآن نعترف بمضامين التقارير من تجاوزات دون اعتراف بأن المتسببين فيها تجب محاسبتهم بالقانون وتجب إقالتهم فوراً.مجلس النواب رفع «الراية البيضاء» منذ زمن وأكد عجزه اليوم بشكل جازم، رغم أن أعضاءه مازالوا على كراسيهم متنعمين بالمزايا. بالتالي التعويل على الدولة بأن تتخذ إجراء حاسماً بشأن المتجاوزين.من يحب بلده وينشد مصلحتها ويطالب بحماية مالها العام ويحرص على صالح المواطن لا يجب أن يقبل بأي شيء غير محاسبة المتسببين بكوارث راح نتيجتها ملايين، لا يجب القبول بأي حماية أو تغطية أو تبرير لأي مفسد مهما يكن. ما كرس الاستهتار وعزز الفساد وحول بعض المتنفذين لأناس لا يكترثون بأي قانون أو يشغلون ضمائرهم هو إدراكهم بأن أقصى ما سيواجهونه هو التدوير أو تغيير المواقع بل ربما النقل لموقع أفضل، والله لو جربت الدولة أن تفضح كل مفسد على الملأ وتحيله للنيابة وإقالته لما تجرأ أحد على الاستهتار في أموال الدولة والشعب، هذه الأموال لم توضع لأشخاص يجربون فيها «حظهم» بمشاريع وأفكار بأسلوب «يا تصيب يا تخيب».من أمن العقوبة أساء الأدب، وقلة الأدب في المال العام المتضرر منها الوطن بأكمله، وها نحن نرى العجز في موازنة الدولة والعجز الاكتواري وتحطم كل أمل لدى الناس بتحسين أوضاعهم وزيادة رواتبهم بهذه الذرائع.الناس تنتظر بمناسبة العيد الوطني أخباراً مفرحة وتناشد قيادة البلاد لتحسين أوضاعها، لكنني أناشد قبل ذلك بمحاسبة كل المستهترين الموثق استهتارهم في تقرير الرقابة.نناشدكم، افضحوهم، حاسبوهم، فنشوهم، والله البحرين تستحق أفضل.
Opinion
افضحوهم .. حاسبوهم .. فنشوهم!
08 ديسمبر 2013