الأسبوع الماضي استضافت جمعية الصحافيين البحرينية الباحث عبدالله علي السويدي، مساعد نائب المدير العام لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الذي ألقى محاضرة قيمة عنوانها «الإعلام الخارجي.. التحديات والحلول»، شرح فيها قوة الإعلام وتأثيره في توجيه مسار الأحداث ودعا إلى التنسيق والتعاون بين قطاعات الإعلام الخارجي وهيئاته في دول مجلس التعاون باعتبار أنها تواجه نفس التحديات وقضاياها مشتركة، ورأى أن هذه الدول تحتاج إلى التنسيق فيما بينها والعمل في إطار استراتيجية إعلامية مشتركة لمخاطبة الخارج، منبهاً إلى أن دول التعاون تواجه بدعاية إعلامية مضادة من قبل بعض الجهات التي تعمل على تشويه صورتها في الخارج والنيل من إنجازاتها ومواقفها وتقديم صورة نمطية مشوهة عنها وممارسة الضغط عليها. محاور عديدة تناولها الباحث السويدي في بحثه المتميز ارتأيت أن أستعرض أحدها لأهميته البالغة في هذه الفترة التي يتحرك فيها بعض أبناء الداخل عبر الخارج ليسيئوا إلى أنفسهم وأوطانهم، حيث قال الباحث عند حديثه عن «التقارير الدولية حول حقوق الإنسان والأوضاع السياسية في دول مجلس التعاون» إن الكثير من منظمات حقوق الإنسان الدولية والعربية وتلك المعنية بحقوق المرأة والديمقراطية تصدر تقارير حول بعض دول المجلس تتجاهل فيها الخصوصيات الحضارية والثقافية والدينية والاجتماعية لها، وتنطلق بدلاً عن ذلك في نقدها لها في هذه القضايا من منطلقات ثقافية وسياسية غربية، وهو ما يمثل تحدياً مهماً للإعلام الخارجي، ذلك أن من المهم جداً تصحيح الصورة الخاطئة التي تقدمها تلك المنظمات عنا في الخارج بغية الإساءة إلينا. الباحث رأى أن على الإعلام الخليجي أيضاً أن يتابع باستمرار وبدقة التقارير الدورية التي تصدرها منظمات حقوق الإنسان الدولية والعربية وأن يسخر لهذا الغرض كل الإمكانات المادية وكل ما يمتلكه من خبرة ووقت وجهد، منبهاً إلى أن الكثير من هذه المنظمات التي ترفع لافتة حقوق الإنسان وتعمل تحت مظلتها مسيسة وأنها تخدم أهدافاً سياسية لدول أو أحزاب أو جماعات، لذلك فإن تقاريرها تأتي مصبوغة بصبغة سياسية وليست حقوقية، معتبراً ذلك نوعاً من «بيزنس حقوق الإنسان»، ومؤكداً أن هذه المنظمات تحصل على دعم مالي من جهات تفرض عليها إخراج تقاريرها لتكون متسقة مع أهدافها وسياساتها وتوجهاتها باعتبارها الجهة الداعمة أو الممولة. في السياق نفسه يقول الباحث إن بعض منظمات حقوق الإنسان لها تأثيرها في القرارات السياسية لبعض الدول تجاه منطقة الخليج العربي، وأنه تكون أحياناً قضية حقوق الإنسان أداة من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية لبعض الدول، مقدماً مثالاً عن التقرير الدوري الذي تصدره الخارجية الأمريكية حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم والذي يؤثر في سياسة الولايات المتحدة الخارجية.السويدي نبه إلى نقطة مهمة أخرى؛ فقال إن منظمات حقوق الإنسان التي تنتقد دول مجلس التعاون تتجاهل المواقع المتقدمة لدول المجلس في تقارير التنمية البشرية، ومنها التقرير السنوي الذي يصدره البرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة. مختتماً هذا المحور بالقول إن الكثير من التقارير التي تصدر عن منظمات حقوق الإنسان حول دول مجلس التعاون تتبنى مفهوماً ضيقاً لهذه الحقوق وتتجاهل عن عمد أو عن جهل وعدم معرفة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لهذه الحقوق التي تتفوق دول المجلس فيها تفوقاً كبيراً. الباحث يرى أنه لا يوجد في مقابل كل هذه الدعاية الإعلامية التي تستهدف دول التعاون من باب حقوق الإنسان وتوظف عدداً كبيراً من الصحف والقنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية بغية تشويه صورة الأنظمة الخليجية والتقليل من إنجازاتها، لا يوجد إعلام خليجي يتعاون لصد ذلك وإن ما يوجد منه ليس إلا ردة فعل، مشيراً إلى أن خطوة من نوع إنشاء إذاعة تحت مسمى «هنا الخليج العربي» قليلة القيمة والناتج.
Opinion
المنظمات الحقوقية ودورها المشبوه
09 ديسمبر 2013